التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ أَنْزَلْنَآ إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَآ إِلاَّ ٱلْفَاسِقُونَ
٩٩
-البقرة

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَلَقَدْ أَنْزَلْنَآ إِلَيْكَ آيَاتٍ } معجزات او احكام بحسب القالب والقلب او آياتٍ من القرآن او آياتٍ من آيات الانفس او آيات الآفاق الظّاهرة فى نفسك { بَيِّنَاتٍ } واضحات دالاّت على صدقك ورسالتك وامامة علىٍّ (ع) وصيّك وفى تفسير الامام (ع): دالاّتٍ على صدقك فى نبوّتك مبيّناتٍ عن امامة علىٍّ (ع) اخيك ووصيّك وصفيّك، موضحاتٍ عن كفر من شكّ فيك او فى أخيك، وذكر الدّالات والمبيّنات والموضحات فى ذيل البيّنات ليس تفسيراً للبيّنات بل هى تفسيرٌ للآيات فانّ الآية بما هى آية ما يدلّ على شيءٍ آخر ويوضحه او هى تفسير للبيّنات { وَمَا يَكْفُرُ بِهَآ إِلاَّ ٱلْفَاسِقُونَ } وقوله ولقد أنزلنا اليك الى آخر الآية اشارة الى صغرى قياس من الشّكل الاوّل وقوله: { وَمَا يَكْفُرُ بِهَآ } الى آخرها اشارة الى كبرى قياس آخر من الشّكل الاوّل ترتيبها هكذا: انت رسول من الله بالآيات، وكلّ رسول معه آيات، عدوّه كافرٌ به وبآياته من حيث رسالته فأنت عدوّك كافرٌ بك وبآياتك وكلّ كافر بك وبآياتك فاسق، فأنت عدوّك فاسق والفسق الخروج عن طاعة العقل وهو الرّسول الدّاخلىّ وعن طاعة الرّسول وهو العقل الخارجىّ وفى تفسير الامام (ع) قال علىّ بن الحسين عليهما السّلام فى تفسير هذه الآية: وذلك أنّ رسول الله (ص) لمّا آمن به عبد الله بن سلام بعد مسئلته الّتى سألها رسول الله (ص) وجوابه (ص) ايّاه عنها قال: يا محمّد بقيت واحدة وهى المسئلة الكبرى والغرض الاقصى من الّذى يخلفك بعدك ويقضى ديونك وينجز اعداءك ويؤدّى اماناتك ويوضح عن آياتك وبيّناتك؟ - فقال رسول الله (ص): اولئك أصحابى قعود، فامض اليهم فيبدو لك النّور السّاطع فى دائرة غرّة ولىّ عهدى وصفحة خدّيه وسينطق طومارك بأنّه هو الوصىّ وستشهد جوارحك بذلك فصار عبد الله الى القوم فرأى عليّاً يسطع من وجهه نور يبهر نور الشّمس ونطق طوماره وأعضاء بدنه كلّه يقول: يا ابن سلام هذا علىّ بن ابى طالب (ع) المالئ جنان الله بمحبّيه ونيرانه بمعاداته، الباثّ دين الله فى أقطار الارض وآفاقها، والنّافى للكفر عن نواحيها وارجائها فتمسّك بولايته تكن سعيداً، واثبت على التّسليم له تكن رشيداً، فقال عبد الله بن سلام: أشهد ان لا اله الاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد انّ محمّداً (ص) عبده ورسوله المصطفى، وأمينه المرتضى، وأميره على جميع الورى، (الى ان قال) وأشهد أنّكما اللّذان بشّر بكما موسى (ع) ومن قبله من الانبياء ودلّ عليكما المختارون من الاصفياء ثمّ قال لرسول الله (ص): قد تمّت الحجج، وانزاحت العلل، وانقطعت المعاذير، فلا عذر لى ان تأخّرت عنك، ولا خير لى ان تركت التّعصّب لك، ثمّ قال: يا رسول الله (ص) انّ اليهود ان سمعوا باسلامى وقعوا فىّ فاخبأ بى عندك فاذا جاؤك فاسألهم عنّى تسمع قولهم فىّ قبل ان يعلموا باسلامى وبعده لتعلم أحوالهم فخبأه رسول الله فى بيته ثمّ دعا قوماً من اليهود فحضروه وعرض عليهم أمره فأبوا فقال: "بمن ترضون حكماً بينى وبينكم؟ - قالوا: بعبد الله بن سلام، قال (ص): واىّ رجلٍ هو؟ - قالوا: رئيسنا وابن رئيسنا، وسيّدنا وابن سيّدنا، وعالمنا وابن عالمنا، وورعنا وابن ورعنا، وزاهدنا وابن زاهدنا، فقال رسول الله (ص): أرأيتم ان آمن بى اترضون؟ - قالوا: قد أعاذه الله من ذلك، فقال: اخرج عليهم يا عبد الله وأظهر ما قد أظهره الله لك من أمر محمّدٍ (ص) فخرج عليهم وهو يقول: أشهد ان لا اله الاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد انّ محمّداً (ص) عبده ورسوله المذكور فى التّوراة والانجيل وصحف ابراهيم وسائر كتب الله المدلول فيها عليه وعلى أخيه علىّ بن ابى طالب (ع)، فلمّا سمعوه يقول ذلك قالوا: يا محمّد (ص) سفيهنا وابن سفيهنا، وشرّنا وابن شرّنا، وفاسقنا وابن فاسقنا، وجاهلنا وابن جاهلنا، كان غائباً عنّا فكرهنا ان نغتابه فقال عبد الله: هذا الّذى كنت أخافه يا رسول الله (ص) (الى آخر ما روى)" .