التفاسير

< >
عرض

فَرَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَٰنَ أَسِفاً قَالَ يٰقَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ ٱلْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَّوْعِدِي
٨٦
-طه

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ فَرَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً } وانّما غضب لله لانحرافهم عن الله وتحسّر عليهم لابطالهم بضاعتهم الّتى هى الايمان لانّ كلّ نبىٍّ اب شفيق لامّته والامّة اولاد اعزّاء عليه وايمانهم بمنزلة الصّحّة الكاملة لهم، ونقصان ايمانهم وبطلانه بمنزلة المرض والهلاكة وحال النّبى فى الصّحّة والمرض والهلاكة لامّته حال الاب الشّفيق بالنّسبة الى اولاده بل اشدّ منه بمراتب عديدة { قَالَ يٰقَوْمِ } اشفاقاً عليهم { أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً } بان اخبرتكم بوعده وانّه وعدنى اعطاء التّوراة الّتى فيها جميع ما تحتاجون اليه { أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ ٱلْعَهْدُ } المراد بالعهد الوعد المذكور اى افطال مدّة الوعد؟ او المراد به عهد الملاقاة اى افطال عليكم فراق العهد؟ فأسقط الفراق لوجود القرينة { أَمْ أَرَدتُّمْ } بل ليس الامر كذلك واردتم { أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ } استعمال الارادة فى ما لا يراد اصلاً اشعار بانّ اعمالكم آثار ارادة ما لا يريده عاقلٌ وكناية عن عدم العقل والشّعور { فَأَخْلَفْتُمْ مَّوْعِدِي } الاخلاف فى المستقبل كالكذب فى الماضى والمعنى اخلفتم عن الطّور الّذى كان موعدى وموعدكم، على ان يكون القوم اجمعهم او وجوههم وعدوه اللّحوق به فى الطّور كما مضى فى معنى هم اولاء على اثرى، او المعنى اخلفتم وعدكم لى باللّحوق بى، او بالثّبات على الدّين واتّباع هارون، او بحسن الخلافة لى بعدى حتّى ارجع اليكم.