التفاسير

< >
عرض

وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلْلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ
٣٣
-الأنبياء

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلْلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ } الّذين هما من آياتها وبها يناط اكثر الآثار السّفليّة، والجملة عطف على قوله: هم عن آياتها معرضون، او حال عن الفاعل المستتر فى معرضون او عن آياتها، كما انّ قوله وهم عن آياتها معرضون حال عمّا سبق والمعنى جعلنا السّماء سقفاً محفوظاً كثير الآيات والحال انّهم معرضون عن آياتها غير ناظرين اليها والحال انّا خلقنا اللّيل والنّهار اللّذين هما مشهودان لهم وهما من آيات السّماء ويترتّب عليهما حكم ومصالح كثيرة ولا ينبغى الغفلة والاعراض عنهما { وَ } خلقنا { ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ } اللّذين هما من اعظم آياتها ولا يتكوّن متكوّن الاّ بتأثيرهما، وكلّ من نظر اليهما بالتّأمّل الّذى هو من شأن الانسان يدرك انّهما اعظم قدراً واكثر اثراً واشدّ ظهوراً من ان يغفل عنهما او لا يدرك منهما دلالتهما على مبدءٍ عليمٍ حكيمٍ قدير { كُلٌّ } من الشّمس والقمر { فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } كان الظّاهر ان يقول: كلّ فى فلكٍ يسبح ان قدّر كلّ منهما او يسبحان او يسبح ان قدّر كلّهما بمعنى كليهما لكنّه تعالى للاشعار بكثرة افراد كلّ من الشّمس والقمر طولاً كما ورد: انّ وراء عين شمسكم هذه تسعاً وثلاثين عين شمس، ووراء قمركم هذا تسعة وثلاثين قمراً، وبكثرة افرادهما عرضاً كما شاع فى زماننا من حكماء الافرنج انّ الكواكب بعضها شموس منيرة بذاتها، وبعضها اقمار مستنيرة من غيرها، اتى بالعبارة هكذا ليكون المعنى كلّ جماعة من افراد الشّمس وافراد القمر فى نوعٍ من الفلك روحانىٍّ او جسمانىٍّ يسبحون فانّ الافلاك كالكواكب كما تكون طبيعيّة تكون روحانيّة كما قيل:

آسما نهاست در ولايت جان كارفرماى آسمان جهان

والاتيان بضمير ذوى العقول للاشارة الى انّها ذوو شعورٍ وعلم كما قيل:

خر مكَس خُنفسا حمار قبان همه باجان ومهرومه بى جان

واستعمال السّباحة لتشبيه الفلك بالبحر والنّهر وتشبيه الكواكب بالسّابح.