التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ ٱلْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَٱتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ
١٧٢
-آل عمران

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ ٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ ٱلْقَرْحُ } صفة للمؤمنين او خبر مبتدءٍ محذوفٍ، او مفعول فعلٍ محذوف للمدح، او مبتدءٌ خبره جملة { لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَٱتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ } والجملة مستأنفة جواب لسؤالٍ مقدّرٍ، روى انّ الرّسول (ص) لمّا دخل المدينة من وقعة احد نزل عليه جبرئيل وقال: يا محمّد (ص) انّ الله يأمرك ان تخرج فى اثر القوم ولا يخرج معك الاّ من به جراحة فأمر رسول الله (ص) منادياً ينادى يا معشر المهاجرين والانصار من كانت به جراحة فليخرج ومن لم يكن به جراحة فليقم فأقبلوا يضمّدون جراحاتهم ويداوونها فخرجوا على ما بهم من الالم والجراح فلمّا بلغ رسول الله (ص) حمراء الاسد وهو على ثمانية اميال من المدينة وقريش قد نزلت الرّوحاء قال عكرمة بن ابى جهل والحارث بن هشام وعمرو بن العاص وخالد بن وليد نرجع ونغير على المدينة قد قتلنا سراتهم وكبشهم يعنون حمزة فوافاهم رجل خرج من المدينة فسألوه الخبر فقال: تركت محمّداً (ص) واصحابه بحمراء الاسد يطلبونكم جدّ الطلب فقال ابو سفيان: هذا النّكد والبغى فقد ظفرنا بالقوم وبغينا والله ما افلح قوم قطّ بغوا فوافاهم نعيم بن مسعود الشجعىّ فقال ابو سفيان: اين تريد؟ - قال المدينة لامتار لاهلى طعاماً، فقال: هل لك ان تمرّ بحمراء الاسد وتلقى اصحاب محمّد (ص) وتعلمهم انّ حلفاءنا وموالينا قد وافونا من الاحابيش حتّى يرجعوا عنّا ولك عندى عشرة قلائص املأها تمراً وزبيباً، قال: نعم؛ فوافى فى غد ذلك اليوم حمراء الاسد فقال لاصحاب رسول الله (ص) اين تريدون؟ - قالوا: قريشاً قال: ارجعوا انّ قريشاً قد اجتمعت اليهم حلفاؤهم ومن كان تخلّف عنهم وما اظنّ الاّ اوائل خيلهم يطلعون عليكم السّاعة فقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل ما نبالى، فنزل جبرئيل على رسول الله (ص) فقال: ارجع يا محمّد (ص) فانّ الله قد ارعب قريشاً ومرّوا لا يلوون على شيءٍ، فرجع رسول الله (ص) وانزل الله: { الّذين استجابوا }؛ الآية، وقيل: نزلت الآية فى بدرٍ الصّغرى وذلك انّ ابا سفيان حين اراد ان ينصرف من احد قال: يا محمّد (ص) موعدنا موسم بدر الصّغرى من قابل، فلمّا كان العام المقبل خرج ابو سفيان فى اهل مكّة فالقى الله عليه الرّعب فبدا له فلقى نعيم بن مسعود الاشجعىّ فقال له ابو سفيان: انّى واعدت محمّداً (ص) ان نلتقى بموسم بدر وانّ هذه عام جدب وبدا لى ان لا اخرج اليه واكره ان يزيدهم ذلك جرأة فالحق بالمدينة فثبّطهم ولك عندى عشرة من الابل اضعها على يد سهيل بن عمرو، فأتى نعيم المدينة فوجد النّاس يتجهّزون فثبّط وأرعب أصحاب الرّسول فقال رسول الله (ص) والّذى نفسى بيده لاخرجنّ ولو وحدى فانحرف الجبان وتأهّب الشّجاع وقال: حسبنا الله ونعم الوكيل، فخرج رسول الله (ص) فى أصحابه حتّى وافوا بدراً الصّغرى وكانت موضع سوقٍ لهم فى الجاهليّة يجتمعون اليها فى كلّ عام ثمانية ايّام فاقام ينتظر ابا سفيان وقد انصرف ابو سفيان فسمّاهم اهل مكّة جيش السّويق وقالوا: خرجتم تشربون السّويق، ووافق رسول الله (ص) السّوق وكانت لهم تجاراتٍ فباعوا واصابوا للدّرهم درهمين وانصرفوا الى المدينة سالمين غانمين.