التفاسير

< >
عرض

إِذْ قَالَ ٱللَّهُ يٰعِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوكَ فَوْقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ
٥٥
-آل عمران

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ إِذْ قَالَ ٱللَّهُ يٰعِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ } اى قابضك من الارض بحيث لم ينالوا منك شيئاً من غير قبض روحك من توفّيت مالى بمعنى أخذته بتمامه او متوفّيك توفّى منامٍ على ما روى انّه رفع نائماً نظيره قوله هو الّذى يتوفّاكم باللّيل اى ينيمكم او متوفّيك توفّى مماةٍ؛ على ما نقل انّه اماته ثلاث ساعاتٍ او على ما نقل فى الانجيل انّه صلب وقتل ودفن او هو على التّقديم والتّأخير معنى بناء على انّ الواو لا يفيد ترتيباً اى انّى رافعك ثمّ متوفّيك { وَرَافِعُكَ إِلَيَّ } اى الى سمائى وسمّى رفعه الى السّماء رفعاً الى نفسه تشريفاً للسّماء لانّها بمنزلة حضرته { وَمُطَهِّرُكَ مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } من لوث مجاورتهم ومعاشرتهم او من منقصة قصدهم وقتلهم ايّاك { وَجَاعِلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوكَ فَوْقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } بك من اليهود المكذّبين وغيرهم وامّا المسلمون فانّهم غير مكذّبين له وغير كافرين به بل هم الّذين اتّبعوه حقيقة فى اخباره ببعثة محمّد (ص) فهم ايضاً فوق الّذين كفروا بالحجّة والغلبة فى الدّنيا والآخرة، واتى باسم الفاعل فى الاوصاف المذكورة الدالّ على الثّبات والاستمرار للاشارة الى انّها واقعة منه من حين التكلّم وعلى هذا يجوز ان يكون { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ } متعلّقاً بالجميع على سبيل التّنازع لا بجاعل الّذين اتّبعوك فقط { ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ } الخطاب لعيسى (ع) وتابعيه ومكذّبيه { فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } ثمّ بيّن الحكم بينهم بقوله تعالى { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً فِي ٱلدُّنْيَا }.