التفاسير

< >
عرض

كُلُّ ٱلطَّعَامِ كَانَ حِـلاًّ لِّبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَىٰ نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ ٱلتَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِٱلتَّوْرَاةِ فَٱتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
٩٣
-آل عمران

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ كُلُّ ٱلطَّعَامِ } الطّعام المطعوم بالفعل او بالقوّة كالبرّ والشّعير والمراد تعميم الطّعام بالاضافة الى ما قالت اليهود انّه كان حراماً على الانبياء السّابقة لا بالنّسبة الى كلّما يمكن ان يطعم، وهذا ردّ على اليهود وجواب لانكارهم تحريم الطّيّبات عليهم ببغيهم فانّ اليهود بعد ما نزل وسمعوا قوله تعالى { فَبِظُلْمٍ مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ } [النساء: 106] وقوله تعالى: { وَعَلَى ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ ٱلْبَقَرِ وَٱلْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَآ إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ ٱلْحَوَايَآ أَوْ مَا ٱخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذٰلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ وِإِنَّا لَصَادِقُونَ } [الأنعام: 146]، قالوا: لسنا باوّل من حرّمت عليه وقد كانت محرّمة على نوحٍ (ع) وابراهيم (ع) ومن بعده من بنى اسرائيل الى ان انتهى التّحريم الينا فكذّبهم الله واجابهم بقوله: { كُلُّ ٱلطَّعَامِ كَانَ حِـلاًّ لِّبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } وليس كما قالت اليهود انّ الطيّبات كانت محرّمة من زمن نوح { إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ } بسبب مرضه { عَلَىٰ نَفْسِهِ } من لحوم الابل فانّه كما روى كان به وجع الخاصرة او عرق النّساء وكان اذا اكل لحم الجمل هيّج الوجع به فحرّم على نفسه لحم الابل { مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ ٱلتَّوْرَاةُ } متعلّق بقوله حلاًّ او بحرّم او بكليهما على سبيل التّنازع يعنى كلّ المطاعم كان حّلاً لبنى اسرائيل سوى لحم الابل الّذى حرّمه اسرائيل على نفسه قبل نزول التّوراة وبعد نزول التّوراة حرّم الطيّبات عليهم ببغيهم { قُلْ فَأْتُواْ بِٱلتَّوْرَاةِ فَٱتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } حاجّهم بكتابهم حتّى يتبيّن كذبهم فى ادّعائهم وصدقه (ص) فيما نزل عليه من كتابهم، وقيل: لم يجسروا على اتيان التّوراة وبهتوا، وهذا دليل صدقه فى نبوّته حيث تمسّك بكتاب خصمه فى صدقه.