التفاسير

< >
عرض

تُرْجِي مَن تَشَآءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِيۤ إِلَيْكَ مَن تَشَآءُ وَمَنِ ٱبْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَىٰ أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلاَ يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَآ آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قلُوبِكُمْ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَلِيماً
٥١
-الأحزاب

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ تُرْجِي مَن تَشَآءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِيۤ إِلَيْكَ مَن تَشَآءُ } قد مضى سبب نزول هذه الآية عند قوله تعالى: يا ايّها النّبىُّ قلا لازواجك ان كنتنّ تردن الحيٰوة الدّنيا (الآية) والمعنى تقدّم من تشاء من نسائك فى المضاجعة والايواء اليك من غير نظرٍ الى القسم فيكون الآية توسعةً عليه فى القسم بين نسائه، او المعنى تعزل من تشاء منهنّ بغير طلاقٍ وتردّ اليك من تشاء بعد عزلك تسعةً وعشرين يوماً، او المعنى تطلّق من تشاء وتمسك من تشاء، او المعنى تترك نكاح من شئت من نساء امّتك وتنكح من شئت منهنّ، وعلى اىّ تقديرٍ فالجملة جوابٌ لسؤالٍ مقدّرٍ وتوسعة له (ص) بالنّسبة الى ازواجه ونكاحه، وهل كان تخييره لنسائه بين اختيار الدّنيا واختيار الله ورسوله (ص) طلاقاً لهنّ بعد اختيارهنّ الدّنيا او كنّ محتاجاتٍ الى الطّلاق وكذلك عزله (ص) وارجاؤه لهنّ؟ فعن الباقر (ع) انّه سئل عن رجل خيّر امرأته فاختارت نفسها بانت؟- قال: لا، انّما هذا شيءٌ كان لرسول الله (ص) امر بذلك ففعل، ولو اخترن انفسهنّ لطلّقهنّ وهو قول الله تعالى: قل لازواجك ان كنتنّ (الآية) { وَمَنِ ٱبْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ } من دون عقدٍ جديدٍ { ذَلِكَ } التّخيير والتّوسعة عليك، او ذلك الاذن فى ترك القسم والتّسوية بينهنّ، او ذلك الاذن فى ابتغاء من عزلت، او ذلك الاذن فى نكاح الواهبات لانفسهنّ وتركك لنكاحهنّ { أَدْنَىٰ أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ } اى اعين ازواجك { وَلاَ يَحْزَنَّ } بترك القسم لهنّ وترك التّسوية بينهنّ { وَيَرْضَيْنَ بِمَآ آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ } قرئ تقرّ من الثّلاثىّ المجرّد مبنيّاً للفاعل، وقرئ من باب الافعال مبنيّاً للمفعول، واعينهنّ بالرّفع فيهما، وقرئ من باب الافعال مبنيّاً للفاعل، واعينهنّ بالنّصب، وقرئ كلّهنّ بالرّفع تأكيداً لضمير يرضين، وبالنّصب تأكيداً لضمير آتيتهنّ { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قلُوبِكُمْ } جمع ازواجه او امّته او الجميع معه (ص) فىالخطاب، او صرف الخطاب عنه الى امّته، او الى امّته وازواجه { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً } عطف بمنزلة التّعليل { حَلِيماً } فلا يعاجلكم بعقوبة ما فى قلوبكم لحلمه، لا لجهله، ولا لعجزه.