التفاسير

< >
عرض

وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي ٱلنِّسَآءِ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَٰبِ فِي يَتَٰمَى ٱلنِّسَآءِ ٱلَّٰتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَٱلْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ ٱلْوِلْدَٰنِ وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَٰمَىٰ بِٱلْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً
١٢٧
وَإِنِ ٱمْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَآ أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَٱلصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ ٱلأنْفُسُ ٱلشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً
١٢٨
-النساء

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي ٱلنِّسَآءِ } اى فى حكم نسائهم من الالفة والفرقة بقرينة وان امراة خافت من بعلها (الآية) او فى حكم مطلق النّساء من الارث بقرينة { فِي يَتَامَى ٱلنِّسَآءِ ٱلَّلاتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ } او فى حكم النّساء بحسب الارث من الازواج كما مضى حكمه، او من الارحام كما مضى ايضاً، او بحسب المعاشرة كما يأتى { قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ } وفى نسبة الافتاء الى الله فى الجواب اشارة الى انّ ما يقوله (ص) ليس منه برأى واجتهاد وظنٍ وتخمين كما سيحدّثونه، بل هو فتيا الله على لسانه امّا لفنائه من نفسه او لوحىٍ منه { وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ } عطف على الله او على المستتر فى يفتيكم وسوّغه الفصل، او هو تقدير فعل هو يبيّن او ما نافية والجملة معطوفة على جملة الله يفتيكم او حاليّة بتقدير مبتدء والمعنى ما يتلى افتاؤه بعد عليكم { فِي ٱلْكِتَابِ فِي يَتَامَى ٱلنِّسَآءِ } متعلّق بيتلى او بدل من قوله فيهنّ { ٱلَّلاتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ } وبذكر ما كتب لهنّ اشار الى انّ لهنّ ميراثاً مفروضاً وقد بيّن فى اوّل السّورة ما لهنّ بحسب الارث من الازواج ومن الارحام كانوا فى الجاهليّة لا يورثون الصّغير ولا المرأة ويقولون: الارث لمن تمكّن عن المقاتلة والمدافعة عن الحريم وحيازة الغنيمة { وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ } اذا لم يكنّ ذوات جمال ولا يكون لهنّ اموال ايضاً فترغبون عنهنّ لعدم المال والجمال { وَٱلْمُسْتَضْعَفِينَ } عطف على يتامى النّساء { مِنَ ٱلْوِلْدَانِ } جمع الوليد وقد مضى حكمهم بحسب الارث والحفظ والمال جميعاً فى اوّل السّورة { وَ } يفتيكم ايضاً فى { أَن تَقُومُواْ لِلْيَتَامَىٰ بِٱلْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ } عطف على يستفتونك او على الله يفتيكم على ان يكون من جملة مقول القول يعنى قل لهم ما تفعلوا من خيرٍ فى ارث النّساء وقسامتهنّ وفى حفظ اليتامى واموالهم لا يضع عملكم { فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً وَإِنِ ٱمْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً } سوء عشرة معها ومنعها من حقوقها لمّا قدّم ذكر خوف نشوز المرأة ذكر ههنا خوف نشوز المرء { أَوْ إِعْرَاضاً } تجافياً وعدم توجّه اليها مع اعطائها حقوقها من النّفقة والكسوة والقسامة فانّ النشوز عدم القيام بما يجب عليه والاعراض لما ذكر فى مقابله يكون غيره { فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَآ أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً } قرئ يصلحا من باب الافعال وحينئذٍ يجوز ان يكون صلحاً مفعولاً به اى يوقعا صلحاً وان يكون بينهما مجرّداً عن الظّرفيّة مفعولاً به، وان يكون المفعول به محذوفاً وقرئ يصّالحا ويصّلحا بتشديد الصّاد من تصالح واصطلح والمقصود نفى الجناح من ان يصطلحا على اعطاء المرأة شيئاً من مهرها او غيره، او على تحمّل خدمة له لاستمالته، او على اقساط قسامتها وسائر حقوقها، فعن الصّادق (ع) هى المرأة تكون عند الرّجل فيكرهها فيقول لها: اريد ان اطلّقك فتقول له: لا تفعل انّى اكره ان يشمت بى ولكن انظر فى ليلتى فاصنع بها ما شئت وما كان سوى ذلك من شيء فهو لك ودعنى على حالتى وهو قوله تعالى: فلا جناح عليهما ان يُصلحا ولا اختصاص له باسقاط المرأة حقّها بلا عوضٍ، فيجوز ان يجعل بدل اسقاط الحقّ عوضاً { وَٱلصُّلْحُ خَيْرٌ } من الفرقة والطّلاق وسوء العشرة { وَأُحْضِرَتِ ٱلأنْفُسُ ٱلشُّحَّ } لانّها مطبوعة على جذب خيرها وعدم اخراجه من ايديها كأنّها اجبرت على الحضور عند الشّح فكأنّ نفوس الرّجال لا يمكنها امساك النّساء مع كراهتهنّ ولا القيام بحقوقهنّ ولا نفوس النّساء يمكنها اسقاط حقّها وترك حظّها والجملة الاولى للتّرغيب على الصّلح والثّانية لتمهيد العذر لمماكسة الطّرفين عن الصّلح { وَإِن تُحْسِنُواْ } فى العشرة { وَتَتَّقُواْ } عن نقص حقوقهنّ او عن الفرقة وفتح باب الشماتة لهنّ وتمسكوهنّ مع كراهتهنّ كان الله يجزيكم بالاحسان الاحسان وبالتّقوى الغفران { فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً } فاقيم السّبب مقام الجزاء.