التفاسير

< >
عرض

يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّٰمِينَ بِٱلْقِسْطِ شُهَدَآءَ للَّهِ وَلَوْ عَلَىۤ أَنْفُسِكُمْ أَوِ ٱلْوَٰلِدَيْنِ وَٱلأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَٱللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً
١٣٥
-النساء

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } على يد محمّد (ص) بالبيعة العامّة وقبول الدّعوة الظّاهرة { كُونُواْ قَوَّامِينَ } اثبتوا على هذا الوصف فانّ تخليل الكون للدّلالة على الثّبات والدّوام، والقوّام الخارج عن الاعوجاج والمخرج نفسه وقواه وغيره عنه فانّه يستفاد من المبالغة السّراية الى الغير كما فى الظّهور او هو مأخوذ من قام عليه وبأمره اذا اصلحه { بِٱلْقِسْطِ } اى بالعدل فانّه بسبب التّسوية بين طرفى الافراط والتّفريط فى النّفس وبسبب تساوى طرفى النّزاع عند النّفس فى النّزاع الخارجىّ يمكن الخروج والاخراج عن الاعوجاج ويجوز تعلّقه بقوله تعالى { شُهَدَآءِ } متحمّلين ومؤدّين للشّهادة خبرٌ بعد خبرٍ تفسير للاوّل او حال كذلك { للَّهِ } لطلب رضا الله اوفى شهادات الحسبة لانّ فيها صاحب الحقّ هو الله، او لله باعتبار مظاهره وخلفائه ولا سيّما اتمّ مظاهره الّّذى هو علىّ (ع) والآية عامّة لكنّ المقصود والعمدة هو هذا فانّها توصية وتوطئة لتحمّل الشّهادة لعلىّ (ع) حين التمسه النّبىّ (ص) منهم بقوله: "رحم الله امرءً سمع فوعى" ، ولأداء الشّهادة لعلىّ (ع) حين التمسه عنهم بقوله، "الا فليبلغ الشّاهد منكم الغائب" ، وحين التمس علىّ (ع) عنهم بعد النّبىّ (ص) ان يؤدّوا ما سمعوا عنه، ولكن ما وفوا بهذه الوصيّة وما ادّوا { وَلَوْ عَلَىۤ أَنْفُسِكُمْ } مضرّاً عليها فانّها احبّ الاشياء عليكم { أَوِ ٱلْوَالِدَيْنِ وَٱلأَقْرَبِينَ } فانّهم بعد الانفس احبّ الاغيار { إِن يَكُنْ } كلّ واحد من الطّرفين { غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً } فلا تخرجوا عن الاستقامة بملاحظة انّ الفقير اولى بالانتفاع وعدم التّضرّر والغنىّ لا يتضرّر على فرض عدم وصول ماله اليه او ينتفع الغير بما له على فرض الشّهادة عليه زوراً، او بخيال انتفاعكم عن الغنىّ وعدم تضرّركم منه وعدم مبالاتكم بالفقير { فَٱللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا } فامتثلوا امره ولا تبالوا بتضرّر الفقير وعدم تضرّر الغنى { فَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُواْ } اى فى العدول عن الحقّ او بسبب العدول او لكراهة العدل فى الشّهادة { وَإِن تَلْوُواْ } السنتكم بالشّهادة حين الاداء بان تغيّروها بالسنتكم وقرئ تلوا من ولى بمعنى توجّه { أَوْ تُعْرِضُواْ } بكتمانها يجازكم الله بحسبه { فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً } فاقيم السّبب مقام الجزاء.