التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَـآءَ ٱلنَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلاَ بِٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَمَن يَكُنِ ٱلشَّيْطَانُ لَهُ قَرِيناً فَسَآءَ قِرِيناً
٣٨
-النساء

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَٱلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَـآءَ ٱلنَّاسِ } يعنى انّ المختال جامع بين طرفى السّخاء اى التّقتير والتّبذير لامتناعهم من اداء الحقوق المفروضة والمسنونة وصرفهم اموالهم فيما يتصوّرون انتفاعهم فى الدّنيا به من مثل صيت وتعظيم من النّاس وغير ذلك، والاوّل بخل مذموم والثّانى تبذير ملعون { وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلاَ بِٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } من قبيل عطف العلّة على المعلول فانّ عدم الايمان علّة للانفاق فى سبيل الشّيطان ولعدم الانفاق فى سبيل الله يعنى البخل { وَمَن يَكُنِ ٱلشَّيْطَانُ } عطف على { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً } او جملة حاليّة والمقصود التّنبيه على انّ المرائى فى الانفاق مبذّر والمبذّر قرين الشّيطان ومن يكن الشّيطان { لَهُ قَرِيناً فَسَآءَ قِرِيناً } لادّاء اقترانه الى السّجن والسّجّين وملك الشّياطين فهو اشارة الى قياسات ثلاثة.
اعلم أنّ الانسان خلق مفطوراً على التّعلّق والايتمار ومحّلاً لتصرّف العقل والشّيطان، ولمّا كان فى بد وخلقته ضعيفاً غير متجاوز عن المحسوسات، والمحسوسات شبائك الشّيطان كان تصرّف الشّيطان فيه اقوى واتمّ فما لم يساعده التّوفيق ولم يصل الى شيخ من الله مرشدٍ له الى طريق نجاته تمكّن الشّيطان منه بحيث لم يبق له طريق الى حكومة العقل ولا للعقل طريق الى الحكومة عليه، ولذلك قال ابو جعفر الاوّل (ع) فى حديثٍ: من اصبح من هذه الامّة لا امام له من الله عزّ وجلّ ظاهراً عادلاً اصبح ضالاًّ تائهاً؛ وان مات على هذه الحالة مات ميتة كفر ونفاقٍ، وفى الآيات نصوص واشارات على وجوب الايتمار والايتمام بامام منصوص من الله، وفى الرّوايات عليه تصريحاتٌ ولكن كان على سمعهم وابصارهم غشاوة فيرجّحون المفضول على الفاضل ولذا كان علىّ (ع) يرى الصبر اجحى.