التفاسير

< >
عرض

يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَٱنفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ ٱنْفِرُواْ جَمِيعاً
٧١
-النساء

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ } بعد ما ذكر المنافقين وحالهم ومآلهم والموافقين وحالهم ومآلهم، نادى المؤمنين شفقة بهم وحذّرهم عن صدّ المنافقين ايّاهم فأمرهم باخذ الحذر وهو التّيقّظ والتّهيّوء للعدّو وقد يستعمل فى السّلاح وهو ما به التّيقّظ والاستعداد، فان كان المراد بالمؤمنين الّذين بايعوا البيعة العامّة الّتى هى الاسلام فالمراد بالحذر الظّاهر الاسلحة للجهاد الصّورىّ وبالحذر الباطن التّمسّك بقول محمّد (ص) فى علىّ (ع) والتّذكّر له مداماً كما قال (ص) فى خطبته قبل القاء ولاية علىّ (ع) عليهم توصيةً لهم: رحم الله امرءً سمع فوعى فوصّاهم بالحفظ وان كان المراد بهم الّذين بايعوا عليّاً (ع) وتابوا على يده ودخل بنفخته الايمان فى قلوبهم وهو الايمان حقيقة فالمراد بالحذر الصّورىّ الاسلحة ايضاً والمراد بالحذر الباطنىّ الصّلوة الّتى علّمها ايّاهم فانّها تنهى عن الفحشاء والمنكر. وانّها السّلاح الّذى تردع الشّياطين الجنّيّة والانسيّة عن باب الله الّذى هو الولاية { فَٱنفِرُواْ } الى الجهاد الصّورىّ الجلىّ مع الكفرة او الصّورىّ الخفىّ مع المنافقين المبطّئين، او الى الجهاد الباطنىّ مع اعدائكم الباطنيّة المبطئين لكم عن سلوككم ورجوعكم الى باب القلب والحضور عند علىّ (ع) فى بيت القلب { ثُبَاتٍ } جمع الثّبة بضمّ الثّاء بمعنى الجماعة والمعنى انفروا متدّرجين كما هو شأن الحازمين فى الغزو الظّاهرىّ وشأن السّالكين فى الغزو الباطنىّ { أَوِ ٱنْفِرُواْ جَمِيعاً } مجتمعين كما هو شأن المتجلّدين المتجرّئين فى الغزو الصّورىّ وشأن المجذوبين فى النّفور الباطنىّ ولمّا كان المناسب بيان حالهم من السّلوك والتّرغيب فيه والتّبطئة منه قال تعالى فى ذلك: { وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ }.