التفاسير

< >
عرض

قُل لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ يَغْفِرُواْ لِلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ ٱللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ
١٤
-الجاثية

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ قُل لِّلَّذِينَ آمَنُواْ يَغْفِرُواْ } قد سبق مكرّراً انَه تعالى للاشارة الى انّ توجّه محمّدٍ (ص) مؤثّر فيهم بحيث يجعلهم على اوصاف الرّوحانيّين لم يأت بمقول قوله ويقتصر على لفظ قل فى جزم المضارع الآتى بعده كأنّه قال: قل ما شئت وتوجّه اليهم ان تقل لهم قولاً يغفروا بدون امرك لهم بالمغفرة { لِلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ ٱللَّهِ } قد مرّ بيان ايّام الله فى سورة ابراهيم عند قوله تعالى: { وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ ٱللَّهِ } [إبراهيم:5] والمراد من الّذين لا يرجون ايّام الله الّذين اشتغلوا عن دينهم بدنياهم ولا يترقّبون من دينهم الاّ اصلاح دنياهم، والّذين لم يعتقدوا مبدءً او لم يعتقدوا معاداً فانّ ايّام الله عبارة عن مقامات الآخرة ودرجاتها، ومن رجا درجات الآخرة ومقاماتها يكون ناظراً اليها متوجّهاً فى اعماله واحواله الى جهتها، ومن لم يعتقدها او لم يكن عمله لها لم يكن راجياً لها، والمقصود تأديب المؤمنين الّذين بايعوا البيعة الخاصّة بان لا ينظروا الى ظاهر افعالهم واحوالهم فيتركوا معاشرتهم ونصحهم ودلالتهم على خيرهم فانّهم كانوا كذلك فمنّ الله عليهم بالايمان ورجاء ايّام الله، وشكر هذه النّعمة ان يرحموا عباد الله ويظهروا ما انعم الله به عليهم ويدلّوا غيرهم عليها فانّ الله اذا انعم على عبدٍ احبّ ان يراها عليه، ومن لم يظهرها كان كافراً لتلك النّعمة، عن الصّادق (ع) انّه قال: قل للّذين مننّا عليهم بمعرفتنا ان يعرفوا الّذين لا يعملون فاذا عرفوهم فقد غفروا لهم { لِيَجْزِيَ قَوْماً } قرئ بالغيبة والبناء للفاعل، والفاعل هو الله وبالبناء للمفعول وضمير المصدر يكون نائباً عن الفاعل، وقرئ بالنّون { بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } قيل: يقول الله تعالى لائمّة الحقّ: لا تدعوا على ائمّة الجور حتّى يكون الله هو الّذى يعاقبهم.