التفاسير

< >
عرض

وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَآءَ ٱلْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَٰتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَٰنَهُ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يَصِفُونَ
١٠٠
بَدِيعُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَّهُ صَٰحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
١٠١
-الأنعام

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَآءَ ٱلْجِنَّ } يدل من شركاء او مفعول اوّل ولله حال من شركاء وذلك لانّ بعضهم يجعلون ابليس ذا آلهةٍ، وبعضهم قائلون بالظّلمة كناية عن دار الجنّة والشّياطين، وبعضهم يعبدون الارواح الخبيثة الّتى هى الجنّة والشّياطين زعماً منهم انّ تلك الارواح هى الارواح الّتى كانت واسطة بين الله وبين الخلق وجميع المشركين سواء صرّحوا بانّ معبوديهم الشّياطين والجنّة او لم يصرّحوا بل عبدوا الشّجر والصّنم والكوكب وغيرها لا يعبدون الاّ الجنّ فى عبادتهم المعبودات الباطلة كما قال تعالى: { { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلاَئِكَةِ أَهَـٰؤُلاَءِ إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ قَالُواْ سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ ٱلْجِنَّ أَكْـثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ } [سبأ:40و 41] والسّرّ فى ذلك انّ الجنّ من اتباع ابليس تزيّن لهم المعبودات الباطلة فيطيعونهم فى ذلك فيعبدون الجنّ من يحث لا يشعرون { وَخَلَقَهُمْ } جملة حاليّة بتقدير قد او لا حاجة لها الى قد لورود الماضى حالاً كثيراً وفصيحاً بدون قد يعنى خلق الله الجنّ والمخلوق لا يكون معبوداً كالخالق، ويحتمل ارجاع الضّمير الى الجاعلين يعنى والخالق لهم لا يكون كغير الخالق لهم { وَخَرَقُواْ لَهُ } جعلوا لله من عند انفسهم من غير حقيقة وبرهان { بَنِينَ وَبَنَاتٍ } فقالوا نحن ابناء الله والمسيح ابن الله وعزيرٌ ابن الله والملئكة بنات الله وجعلوا بينه وبين الجنّة نسباً { بِغَيْرِ عِلْمٍ } منهم بذلك { سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَصِفُونَ بَدِيعُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } خالقهما من غير سبق مادّة ومدّة لا من اصل خلق ولا على مثال سبق بدعه انشأه كابتدعه والبديع الحادث لازم ومتعدّ فسماوات الارواح وأراضى الاشباح كلّها مخلوقة { أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ } كيف يجوز ان يكون له ولد { وَلَمْ تَكُنْ لَّهُ صَاحِبَةٌ } على مثاله شريكة له غير مخلوقة { وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ } فلم يلكن شيءٌ صاحبته ولا ولده بل الكلّ مخلوق له { وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } فلا يحتاج الى ولد ووكيل فى استعلام حال بعض الاشياء.