التفاسير

< >
عرض

وَأَنذِرْ بِهِ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوۤاْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ
٥١
-الأنعام

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَأَنذِرْ بِهِ } اى بالله او بالقرآن او بعلىّ (ع) او بما يوحى اليك { ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوۤاْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ } المضاف الّذى هو ربّهم فى الولاية { لَيْسَ لَهُمْ مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ } الولىّ هو الشّيخ فى الولاية والشّفيع كالنّصير هو الشّيخ فى الدّلالة، وبعبارةٍ اخرى الولىّ هو معلّم احكام القلب والشّفيع هو معلّم احكام القالب والاوّل شأن الولاية والثّانى شأن النّبوّة ولمّا كان النّبوّة صورة الولاية وكلّ نبىٍّ له ولاية لا محالة وكذا كلّ ولىّ له خلافة للنّبوّة، فكلّ من النّبىّ والولىّ يصحّ ان يكون شفيعاً ووليّاً معاً والضّمير فى من دونه راجع الى ربّهم { لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } عمّا يصرفهم عن ربّهم، اعلم انّ الانسان فطرىّ التّعلّق وكلّما انزجر ممّا تعلّق به من الدّنيا واهلها طلب التّعلّق بمن يطمئنّ اليه ويسلم له من جهة الآخرة، وكلّما طلب ذلك التّعلّق والارادة والتّقليد هُيّج شياطينه الجنيّة والانسيّة لتحذيره عن هذا الامر وتخويفه وصدّه فكلّما هيّج الشّوق عزمه للطّلب صدّه الشّياطين عنه وخوّفوه وقيل بالفارسيّة:

تو جو عزم دين كنى با اجتهاد ديو بانكَت بر زند اندر نهاد
كه مرو زينسو بينديش اى غوى كه اسير رنج ودرويشى شوى
سالها او را ببانكى بنده كار او اينست تا تو زنده

فمعنى الآية على هذا انذر بالقرآن الّذى هو صورة الولاية الّتى اصلها والمتحقّق بها امير المؤمنين (ع) الّذين يريدون ويطلبون الحضور عند ربّهم الّذى هو علىّ (ع) او خليفته ويريدون التّعلّق به والتّقليد له بان يحشرهم الشّيخ الدّليل الّذى هو كالنّبىّ بالآداب المسنونة اليه، ويخافون بتخويفات الشّياطين الانسيّة والجنّيّة عن الحضور لديه والتّعلّق به، فانّهم بكيد الشّيطان قاعدون وبمحض انذارك يرتفع كيد الشّيطان فانّ كيده كان ضعيفاً، وانذرهم بأنّه ليس لهم من دونه ولىّ يتولىّ امورهم ولا شفيع يشفع جرائمهم عند الله يعنى انذرهم بانّ ربّهم فى الولاية له شأنّ النّبوّة والشّفاعة وشأن الولاية والتّربية، فهو حقيق بان يخاف من التولّى عنه ولا يخاف من التّوجّه اليه لعلّهم يتّقون تخويفات الشّياطين ولا يبالون بتهديداتهم ويقطعون سلاسل تهديداتهم ويحضرون عنده كالعاشق الّذى لا يبالى بما قيل فيه وما عرض له.