التفاسير

< >
عرض

وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ ٱلْكِتَٰبَ ٱلَّذِي جَآءَ بِهِ مُوسَىٰ نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ مَّا لَمْ تَعْلَمُوۤاْ أَنتُمْ وَلاَ ءَابَآؤُكُمْ قُلِ ٱللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ
٩١
وَهَـٰذَا كِتَٰبٌ أَنزَلْنَٰهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ ٱلَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ ٱلْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا وَٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱلأَخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ
٩٢
-الأنعام

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ } حتّى يعلموا سعة رحمته وكمال حكمته ورأفته بخلقه وانّ الرّسالة غاية لطف منه بالخلق { إِذْ قَالُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ } وانكروا لطفه وحكمته فى ارسال الرّسول { قُلْ } لهم نقضاً عليهم { مَنْ أَنزَلَ ٱلْكِتَابَ ٱلَّذِي جَآءَ بِهِ مُوسَىٰ نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ } تجزّئونه { تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً } يعنى انّهم يبدون مالا يظهر فيه رسالتك ويخفون ما فيه رسالتك، وكذا يبدون ما يوافق هويتهم ويخفون ما لا يوافقها، وهو تعريض بأمّته (ص) حيث يبدون بعده من الكتاب ما يوافق أهويتهم ويخفون ما لا يوافقها { وَعُلِّمْتُمْ } بذلك الكتاب { مَّا لَمْ تَعْلَمُوۤاْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ } من احكام الشّرع وآداب المعاش والمعاد { قُلِ ٱللَّهُ } ان لم يجيبوا لك وبهتوا لانّهم لا جواب لهم سواه، ويحتمل ان يكون هذا مستأنفاً غير مرتبطٍ بالسّؤال ويكون المقصود امره (ص) بالمداومة على ذكر الله حالاً وقالاً والاعراض عنهم { ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ } فى ظلمات اهويتهم ولجج آمالهم بحيث لم يتمكّنوا من تصديقك وداموا على تكذيبك { يَلْعَبُونَ وَهَـٰذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ } مثل كتاب موسى (ع) { مُبَارَكٌ } جعل فيه البركة لمن تعلّمه وعمل به ودام على قراءته { مُّصَدِّقُ ٱلَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ } من الكتب الّتى قبله لتذكّر به { وَلِتُنذِرَ أُمَّ ٱلْقُرَىٰ } مكّة والصّدر وصاحب الصّدر { وَمَنْ حَوْلَهَا } من اهل الشّرق والغرب فى الصّغير والكبير ولمّا كان المراد بمن حولها من سكن الدّنيا بالنّسبة الى الملكوتين السّفلى والعليا صحّ تفسيره بمن فى الارض { وَٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ } اى مذعنون بها { يُؤْمِنُونَ بِهِ } يعنى يذعنون بالكتاب وانّه من الله وحقّ وصدق لانّه صورة الآخرة ومن اذعن بالآخرة اشتاق اليها، ومن اشتاق اليها اذعن وصدّق بكل ما فيه ذكرها، وليس فى الكتاب الاّ ذكرها، ومن اذعن بالآخرة والكتاب آمن بعلىّ (ع) لانّ الآخرة والكتاب صورتا علىٍّ (ع) كما انّ بشريّته صورته، ومن آمن به صار مصلّياً حقيقة ومن صار مصلّياً حقيقة شغله لذّة الصّلوة عن كلّ لذّة فهم لا يفارقونها { وَهُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ } اضافه الصّلوة اليهم للاشارة الى انّه كان لكلّ صلوة مخصوصة هى روح صلوتهم القالبيّة المشتركة بين الكلّ.