التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ مُوسَىٰ يٰفِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ
١٠٤
حَقِيقٌ عَلَىٰ أَنْ لاَّ أَقُولَ عَلَى ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ
١٠٥
-الأعراف

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَقَالَ مُوسَىٰ يٰفِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ } اليكم { حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لاَّ أَقُولَ عَلَى ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْحَقَّ } كان القياس ان يجعل ان لا اقول على الله الاّ الحقّ مرفوعاً بحقيق ويجعل مدخول على هو المتكلّم كما قرئ به، لكنّه قلب مجازاً للمبالغة فى الصّدق كأنّه امر متجوهر والمتكلّم من اوصافه، او للاشارة الى ما هو حقيقة الامر من اصالة الوجود واعتباريّة المهيّات فانّ الانسان على المذهب الحقّ نحو من الوجود متحدّد بالحدود المتعيّنة وصفات الوجود متّحدة معه والتّغاير فى مفهومها فقط، والحدود امور اعتباريّة عدميّة لا حقيقة لها والوجودات الامكانيّة لا استقلال لها ولا انانيّة بل هى متعلّقات محضة وفقراء الى الله والله هو الغنىّ، والانانيّة الّتى هى عبارة عن الاستقلال انّما هى باعتبار الحدود العدميّة فهى من اعتبارات الانسان وتابعة لحقيقته لا انّها حقيقته فهى تابعة لصدقه الّذى هو حقيقته، فصحّ ان يقال انا حقيق على الصّدق بهذا الاعتبار كما يصحّ ان يقال حقيق ان لا اقول على الله الاّ الحقّ علىّ بتشديد الياء باعتبار ملاحظة مفهومى الانانيّة والصّدق وبهذا الاعتبار قيل: حقّ القضايا الّتى تنعقد بين الممكنات ان يجعل الموضوع نحواً من الوجود والمحمول مهيّة من المهيّات فيقال: الوجود انسان مثلاً، لانّ الانسانيّة الّتى هى عبارة عن حدّ الوجود عرض تابع للوجود والوجود متبوع، وقيل فيه بتضمين حقيق معنى حريص وكون على بمعنى الباء وغير ذلك من الوجوه، وقرئ بوجوه أُخر غير ما ذكر ايضاً، ولمّا كانت الدّعاوى العظيمة من شأنها ان لا يسامح فيها ولا تسع الا ببيّنة وشاهد بادر اليها قبل مطالبتها فقال { قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ } فاقلبوا قولى ولا تخالفوا { فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } ولمّا كان صحّة الدّعوى وسقمها منوطة بالبيّنة طالبها منه ولم يتعرّض لغيرها.