التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلاۤئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُوۤاْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِّنَ ٱلسَّاجِدِينَ
١١
-الأعراف

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ } تعداد للنّعم وقبح الكفران بها { ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ } يعنى خلقنا اباكم آدم (ع) بجمع ترابه الّذى هو بمنزلة النّطفة، ثمّ صوّرناه بعد اربعين صباحاً كذا قيل، او خلقناكم بالقاء نطفكم فى الارحام، ثم بعد مضىّ زمانٍ صوّرناكم بالصّورة الجسمانيّة من امتياز العين والانف واليد والرّجل والحسن والقبيح والقصير والطّويل وغير ذلك، وبالصّورة الرّوحانيّة من الاخلاق الحسنة والسّيّئة والسّعادة والشّقاوة، والى هذا أشير فى الخبر ولا ينافى ذلك قوله تعالى { ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلاۤئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لآدَمَ } فانّ ذرارى آدم (ع) بعد نزول اللّطيفة الآدميّة الى ارض البدن وهبوطها على صفا نفسها وهبوط حوّاء على مروتها اللّتين هما جهتا النّفس العليا والسّفلى، يصيرون مثل آدم ابى البشر ويؤمر البشر ويؤمر الملائكة الّذين هم موكّلون عليهم بالسّجود لتلك اللّطيفة، فيسجدون وينقادون لها غير ابليس الواهمة فانّه ما لم يكسر سورة كبريائه واستعلائه بالرّياضات الشّرعيّة والعبادات القالبيّة والقلبيّة لا يسلّم لآدم (ع) ولا ينقاد له، وشيطانى اسلم على يدى، اشارة الى ما ذكرنا { فَسَجَدُوۤاْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِّنَ ٱلسَّاجِدِينَ } لم يقل لم يسجد اشارة الى انّ فطرته كانت فطرة العتوّ والاستكبار وانّه لم يكن من سنخ السّاجدين ولا يمكنه السّجود الاّ بتبديلها، ولذا ورد، انّه لم يكن من المأمورين بالسّجود وأدخل نفسه فى المأمورين.