التفاسير

< >
عرض

وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
١٠
إِذْ يُغَشِّيكُمُ ٱلنُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن ٱلسَّمَآءِ مَآءً لِّيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ ٱلشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ ٱلأَقْدَامَ
١١
-الأنفال

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ } اى الامداد { إِلاَّ بُشْرَىٰ } اى لكم بانجاز الوعد بالنّصر { وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ } ولكنّكم لضعف يقينكم وتوكّلكم لا تنظرون الاّ الى الاسباب ولذا اجرى النّصر بتوسّط الاسباب { إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ إِذْ يُغَشِّيكُمُ ٱلنُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ } ظرف لقوله استجاب او لممدّكم او لمردفين او لجعله الله او لتطمئنّ او لقوله من عند الله على الانفراد او على سبيل التّنازع، ويحتمل ابداله من قوله اذ يعدكم وقوله اذا تستغيثون بدل اشتمال { وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن ٱلسَّمَآءِ مَآءً لِّيُطَهِّرَكُمْ بِهِ } من الحدث والخبث { وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ ٱلشَّيْطَانِ } الجنابة او وسوسته وتخويفه عن العطش، روى انّهم نزلوا فى كئيب اعفر تسوخ فيه الاقدام على غير ماءٍ فناموا فاحتلم اكثرهم وقد غلب المشركون على الماء فوسوس اليهم الشّيطان وقال: كيف تنصرون وقد غلبتم على الماء وانتم تصلّون محدثين وتزعمون انّكم اولياء الله وفيكم رسوله فأشفقوا، فأنزل المطر فمطّروا ليلاً حتّى جرى الوادى واتّخذوا الحياض على غدوته وسقوا الرّكاب واغتسلوا وتوضّأوا وتلبّد الرّمل الّذى بينهم وبين العدوّ حتّى ثبتت عليه الاقدام وزالت الوسوسة { وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ } لمّا كان ربط القلوب تنزيلاً من اشرف خصائل الانسان والمرابطة تأويلاً من آخر مقامات السّلاّك كرّر اللاّم اشارة الى انّه مغاير مع سابقيه شرفاً ورتبةً والمعنى وليربط المحبّة على قلوبكم او ليربط الولاية الحقيقيّة الّتى هى مثال النّبىّ او الولىّ على قلوبكم { وَيُثَبِّتَ بِهِ } اى بالمطر تنزيلاً وبالرّبط تأويلاً { ٱلأَقْدَامَ } البدنيّة على التّراب لتلبّده وعلى الدّين لوصولكم الى مطلوبكم.