التفاسير

< >
عرض

إِذْ أَنتُمْ بِالْعُدْوَةِ ٱلدُّنْيَا وَهُم بِٱلْعُدْوَةِ ٱلْقُصْوَىٰ وَٱلرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدتُّمْ لاَخْتَلَفْتُمْ فِي ٱلْمِيعَادِ وَلَـٰكِن لِّيَقْضِيَ ٱللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ
٤٢
-الأنفال

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ إِذْ أَنتُمْ بِالْعُدْوَةِ ٱلدُّنْيَا } بدل من يوم الفرقان او ظرف لالتقى او لقدير والعدوة مثلّثة شطّ الوادى { وَهُم بِٱلْعُدْوَةِ ٱلْقُصْوَى } والمراد الدّنيا من المدينة والقصوى منها { ٰ وَٱلرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ } يعنى عبر قريش والمراد تذكيرهم بقوّة المشركين وشدّة اهتمامهم بالقتال لحفظ العير واستظهارهم بمن كان فى العير وهم ابو سفيان واصحابه وكون مكانهم اثبت للاقدام ومكان المؤمنين يسوخ فيه الاقدام حتّى لا يبقى لهم شكّ فى انّ غلبتهم لم تكن الاّ بنصرة الله ولذا قيل: كان غزوة بدرٍ من ادلّ الدّلائل على نبوّة نبيّنا (ص) { وَ } الحال انّكم لغاية ضعفكم وقوّة اعداءكم { لَوْ تَوَاعَدتُّمْ } للقتال معهم { لاَخْتَلَفْتُمْ فِي ٱلْمِيعَادِ وَلَـٰكِن } ثبتّكم على القتال على هذه الحال ولم يدعكم حتّى تفرّوا { لِّيَقْضِيَ ٱللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً } اى حقيقاً بان يفعل او مفعولاً فى الذّرّ من اعلاء كلمته واعزاز دينه واذلال اعدائه، او هلاك الهالك عن بيّنة او انزال الملائكة واظهار دلائل النّبوّة { لِّيَهْلِكَ } بدل عن قوله ليقضى الله على ان يكون المراد بالامر المفعول اتمام الحجّة واهلاك الهالك وحياة الحّى بعدها او متعلّق يقضى والمراد الهلاك الصّورىّ او المعنوىّ { مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ } بعد بيّنةٍ او متجاوزاً عن بيّنةٍ هى اعزاز المؤمنين وغلبتهم فى مقام لا يظنّ الاّ ذلّتهم ومغلوبيّتهم ولم يكن ذلك الاّ بنزول الملائكة وامدادهم بحيث لم يخف على احدٍ من الطّرفين { وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَسَمِيعٌ } لاستغاثتكم فيجيبكم { عَلِيمٌ } بصدروكم وخفّياتها من الخوف والاضطراب وما يصلحها من التّثبيت والامداد او لسميع بمقال الهالك والحىّ عليم بحاله، عطف باعتبار المعنى كأنه قال: انّ الله يقضى او انّ الله يهلك وانّ الله لسميع او هو استيناف.