التفاسير

< >
عرض

وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لأَمْرِ ٱللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
١٠٦
-التوبة

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ } عطف على آخرون اعترفوا او على ما عطف عليه آخرون اعترفوا، ولمّا كان نزول قوله آخرون اعترفوا فى ابى لبابة بن عبد المنذر، وكان بعد قبول توبته تصدّق بتمام ماله وابى رسول الله (ص) عن اخذ تمام ماله، وقال يكفيك الثّلث ان تتصدّق به، وكان نزول قوله خذ من اموالهم صدقةً فى اخذ صدقته جاء به معترضاً بين المعطوف والمعطوف عليه والارجاء التّأخير، يعنى انّهم مؤخّرون من غير تنجيزٍ بالمغفرة او العذاب لكونهم واقعين بعد بين الملكوت العليا الّتى هى دار الرّحمة والملكوت السّفلى الّتى هى دار العذاب من غير حكمٍ عليهم بكونهم من اهل احدى الملكوتين. اعلم، انّ الانسان بعد البلوغ امّا قادر بحسب قوّته العمّالة والعلاّمة على طلب الدّين والاستشعار بخيره وشرّه الانسانيّين اولا، والثّانى هو المستضعف والاوّل امّا متّصل بنبىّ (ص) او امام (ع) بالبيعة العامّة او الخاصّة اولا، والثّانى امّا منكر لله او لنبىّ وقته وهو الكافر المحكوم عليه بالعذاب، او متحيّر واقف هو المرجى لأمر الله، والاوّل امّا موافق اتّصاله ولسانه لجنانه بحسب قوّته العلاّمة اولا، والثّانى هو المنافق المحكوم عليه بالعذاب سواء كان دخوله وبيعته اكراهاً او طوعاً، والاوّل امّا موافق علمه لعلمه ولا يخالف بحسب قوّته العمّالة تبعيته وعهده اولا، والاوّل هو المؤمن المحكوم عليه بالرّحمة والثّانى هو الخالط للعمل السّيّئ بالعمل الصّالح الّذى على الله ان يعفو عنه، فآخرون مرجون { لأَمْرِ ٱللَّهِ } اى لحكمه الّذى هو من عالم امره { إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ } حين خروجهم من الدّنيا بلحوقهم بدار العذاب بواسطة غلبة الحكم السّفلىّ عليهم { وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ } بلحوقهم بدار الرّحمة بواسطة غلبة الحكم العلوىّ عليهم { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ } باستعدادهم واستحقاقهم لكلّ من التّوبة والعذاب { حَكِيمٌ } لطيف فى علمه لا يعزب عنه قدر شعرٍ وشعيرةٍ من استعدادهم واستحقاقهم متقن لطيف فى عمله يجازى كلاً بسحب عمله ولو كان بقدر شعيرةٍ وشعرةٍ.