التفاسير

< >
عرض

كَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ كَانُواْ أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً فَٱسْتَمْتَعُواْ بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاَقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ بِخَلاَقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَٱلَّذِي خَاضُوۤاْ أُوْلَـٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي ٱلدنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ
٦٩
-التوبة

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ كَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ } حال من واحدة من الجمل السّابقة او متعلّق بواحد من الافعال السّابقة او مستأنف خبر مبتدء محذوف اى انتم مثل الّذين من قبلكم فى نفاقهم واستمتاعهم وحبط اعمالهم وخسرانهم فهو التفات من الغيبة الى الخطاب وتفظيع آخر لهم بتشبيههم بمن هو مثل عندهم فى الفظاعة، والتّعنّت تنشيطاً للسّامعين الى الاستماع { كَانُواْ أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً } استيناف او حال من الموصول او من المستتر فى الظّرف والمقصود بيان قوّة اسباب الخوض فى الشّهوات فيهم ليكون غاية تفظيع لهم فانّ الخوض فى الشّهوات من الفقير اقبح فاذا كانوا مع ضعفهم فى اسباب الخوض فى الشّهوات مثل السّابقين الّذين كانوا اقوى منهم فى اسباب الخوض فى الشّهوات كانوا اقبح منهم { فَٱسْتَمْتَعُواْ بِخَلاقِهِمْ } نصيبهم من الشّهوات { فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاَقِكُمْ } مثلهم مع انّكم كنتم أضعف منهم وأقلّ مالاً واولاداً، ولمّا لم يعلم من السّابق انّ الّلاحقين استمتعوا مثل السّابقين صريحاً وكان التّطويل مناسباً قال { كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ بِخَلاَقِهِمْ وَخُضْتُمْ } فى الشّهوات والملاهى { كَٱلَّذِي خَاضُوۤاْ } كالخوض الّذى خاضوا او كالّذين خاضوا بجعل الّذى بمعنى الّذين لارادة الجنس منه { أُوْلَـٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي ٱلدنْيَا وَٱلآخِرَةِ } اشارةٌ الى السّابقين وتعريضٌ باللاّحقين بانّهم اولى منهم بحبط الاعمال لضعفهم فى اسباب الشّهوات وخوضهم مع ذلك فيها مثلهم، او اشارة الى السّابقين واللاّحقين بصرف الخطاب الى محمّد (ص)، او اشارة الى اللاّحقين لانّ الكلام فيهم والاتيان باسم الاشارة البعيدة لتأكيد الحكم وتصويرهم باوصافهم الفظيعة وتبعيدهم عن مرتبة التّخاطب كما انّ تكراره فى قوله { وَأُوْلَئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ } والاتيان بضمير الفصل وتعريف المسند كان لذلك وللحصر.