التفاسير

< >
عرض

ٱلأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
٩٧
-التوبة

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ ٱلأَعْرَابُ } الاعراب فى اهل البدو كالعرب بالضّمّ والتّحريك فى اهل البلاد كما سبق لكنّهما قد يعتبران فى العالم الصّغير فيطلق الاعراب على الواقف فى تيه النّفس الامّارة والعرب على السّاكن فى عمران النّفس المطمئنّة ومدينة القلب، ولذا سمّوا فى الاخبار اعداء اهل البيت اعرابيّين وان كانوا قرشيّين او مكّيّين او مدنيّين؛ وسمّوا شيعتهم عربيّين وان كانوا من اهل البدو واقصى بلاد الهند { أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً } لقسوة قلوبهم وغلظة نفوسهم وعدم سماعهم لما يقرّبهم الى الحقّ ويرغّبهم فى الآخرة وعدم تفطّنهم بما خلقوا له { وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ } لعدم سماعهم لها وعدم تفطّنهم لمقصود المسموع وعدم اقتضاء حالهم لحفظ ما يتفطّنون به، والمراد بالحدود امّا الاحكام من العبادات والمعاملات او الغايات المقصودة من احكامه وآدابه وقصصه ومواعظه { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } عطف على جملة الاعراب اشدّ كفراً ونفاقاً والجامع بين المتعاطفين هو تقابل مسنديهما فانّ المراد بالحكمة هنا هو الحكمة العمليّة الّتى هى الاتقان فى العمل والمداقّة فيه المستلزمة للمداقّة فى العلم ويعبّر عنها بالفارسيّة به "خورده كارى، وخورده بينى" والكفر والنّفاق ناشٍ عن عدم المداقّة فى العلم والعمل فبين ملزوم الكفر والحكمة تقابل السّلب والايجاب وهو الجامع، وبين العلم وعدمه ايضاً كذلك، والمعنى انّ الاعراب فى طرف والله ومظاهره فى طرفٍ آخر، فبينهما مباينة تامّة فلا يتفضّل الله عليهم ولا يتوجّهون اليه والمراد بالاعراب ظاهراً ما عرفت وتأويلاً منافقوا الامّة فقوله والله عليمٌ حكيمٌ ذمّ آخر لهم حيث يشير الى بعدهم عن الله وكان الموافق تأخير الكفر والنّفاق او تقديم الحكمة ليكون المتعاطفان على ترتيبٍ واحدٍ، لكن لمّا كان الكفر والنّفاق سبباً للجهل الخاصّ المأخوذ فى المعطوف عليه وان كانا مسبّبين عن الجهل المطلق، والحكمة بهذا المعنى مسبّبة عن العلم المطلق المأخوذ فى المعطوف، عكس التّرتيب مراعاة للترتيب بين مسندى كلٍّ.