التفاسير

< >
عرض

هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ ءَايَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ ءَايَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَٰنُهَا لَمْ تَكُنْ ءَامَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِيۤ إِيمَٰنِهَا خَيْراً قُلِ ٱنتَظِرُوۤاْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ
١٥٨
إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَآ أَمْرُهُمْ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ
١٥٩
مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَىۤ إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ
١٦٠
-الأنعام

الميزان في تفسير القرآن

(بيان)
الآيات متصلة بما قبلها وهي تتضمن تهديد من استنكف من المشركين عن الصراط المستقيم وتفرق شيعاً، وتبرئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم من المفرقين دينهم، ووعداً حسناً لمن جاء بالحسنة وإنجازاً للجزاء.
قوله تعالى: { هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك } استفهام إنكاري في مقام لا تنفع فيه عظة ولا تنجح فيه دعوة فالأمور المذكورة في الآية لا محالة أُمور لا تصحب إلا القضاء بينهم بالقسط والحكم الفصل بإذهابهم وتطهير الأرض من رجسهم.
ولازم هذا السياق أن يكون المراد بإتيان الملائكة نزولهم بآية العذاب كما يدل عليه قوله تعالى:
{ { وقالوا يا أيها الذي نزّل عليه الذكر إنك لمجنون، لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين، ما ننزل الملائكة إلا بالحق وما كانوا إذاً منظرين } [الحجر: 6 - 8]. ويكون المراد بإتيان الرب هو يوم اللقاء وهو الانكشاف التام لآية التوحيد بحيث لا يبقى عليه ستر كما هو شأن يوم القيامة المختص بانكشاف الغطاء، والمصحح لإِطلاق الإِتيان على ذلك هو الظهور بعد الخفاء والحضور بعد الغيبة جل شأنه عن الاتصاف بصفات الأجسام.
وربما يقال: إن المراد إتيان أمر الرب وقد مر نظيره في قوله تعالى:
{ { هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام } [البقرة: 210] في الجزء الثاني من الكتاب.
ويكون المراد بإتيان بعض آيات الرب إتيان آية تلازم تبدّل نشأة الحياة عليهم بحيث لا سبيل إلى العود إلى فسحة الاختيار كآية الموت التي تبدّل نشأة العمل نشأة الجزاء البرزخي أو تلازم استقرار ملكة الكفر والجحود في نفوسهم استقراراً لا يمكنهم معه الإِذعان بالتوحيد والإِقبال بقلوبهم إلى الحق إلا ما كان بلسانهم خوفاً من شمول السخط والعذاب كما ربما دل عليه قوله تعالى:
{ { وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون } [النمل: 82]. وكذا قوله تعالى: { { ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين، قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون } [السجدة: 28 - 29] فإن الظاهر أن المراد بالفتح هو الفتح للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بالقضاء بينه وبين أُمته بالقسط كما حكاه الله تعالى عن شعيب عليه السلام في قوله: { { ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين } [الأعراف: 89] وحكاه عن رسله في قوله: { { واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد } [إبراهيم: 15]. أو تلازم بأساً من الله تعالى لا مرد له ولا محيص عنه فيضطرهم الله الإِيمان ليتقوا به أليم العذاب لكن لا ينفعهم ذلك فلا ينفع من الإِيمان إلا ما كان عن اختيار كما يدل عليه قوله تعالى: { { فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين، فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون } [غافر: 84 - 85]. فهذه أعني إتيان الملائكة أو إتيان الرب أو إتيان بعض آياته أُمور تصاحب القضاء بينهم بالقسط وهم لكونهم لا تؤثر فيهم حجة ولا تنفعهم موعظة لا ينظرون إلا ذلك وإن ذهلوا عنه فإن الواقع أمامهم علموا أو جهلوا.
وربما قيل: إن الإِستفهام للتهكم، فإنهم كانوا يقترحون على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن ينزّل عليهم الملائكة أو يروا ربهم أو يأتيهم بآية كما أُرسل الأوّلون فكأنه قيل: هؤلاء لا يريدون حجة وإنما ينتظرون ما اقترحوه من الأمور.
وهذا الوجه غير بعيد بالنسبة إلى صدر الآية لكن ذيلها أعني قوله: { يوم يأتي بعض آيات ربك } الخ، لا يلائمه تلك الملاءمة فإن التهكم لا يتعدى فيه إلى بيان الحقائق وتفصيل الآثار.
قوله تعالى: { يوم يأتي بعض آيات ربك } إلى آخر الآية، يشرح خاصة يوم ظهور هذه الآيات، وهي في الحقيقة خاصة نفس الآيات وهي أن الإِيمان لا ينفع نفساً لم تؤمن قبل ذلك اليوم إيمان طوع واختيار أو آمنت قبله ولم تكن كسبت في إيمانها خيراً ولم تعمل صالحاً بل انهمكت في السيئات والمعاصي إذ لا توبة لمثل هذا الإِنسان، قال تعالى:
{ { وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن } [النساء: 18]، فالنفس التي لم تؤمن من قبل إيمان طوع ورضى أو آمنت بالله وكذبت بآيات الله ولم تعتن بشيء من شرائع الله واسترسلت في المعاصي الموبقة ولم تكتسب شيئاً من صالح العمل فيما كان عليها ذلك ثم شاهدت البأس الإِلهي فحملها الاضطرار إلى الإِيمان لترد به بأس الله تعالى لم ينفعها ذلك، ولم يرد عنها بأساً ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين.
وفي الآية من بديع النظم ولطيف السياق أنه كرر فيها لفظ { ربك } ثلاث مرات وليس إلا لتأييد النبي صلى الله عليه وآله وسلم تجاه خصمه وهم المشركون حيث كانوا يفتخرون بأربابهم ويباهون بأوثانهم ليعتز بربه ويثبت به قلبه ويربط جأشه في دعوته إن نجحت وإلا فبالقضاء الفصل الذي يقضي به ربه بينه وبين خصمه ثم أكد ذلك وزاد في طمأنة نفسه بقوله في ختام الآية { قل انتظروا إنا منتظرون } أي فانتظر أنت ما هم منتظرون، وأخبرهم أنك في انتظاره، ومرهم أن ينتظروه فهو الفصل وليس بالهزل.
ومن هنا يظهر أن الآية تتضمن تهديداً جدياً لا تخويفاً صورياً وبه يظهر فساد ما ذكره بعضهم في دفع قول القائل: إن الاستفهام في الآية للتهكم فقال: إن هذه الآيات الثلاث هي ما ينتظرونه كغيرهم في نفس الأمر فلا يصح أن يراد بهذا البعض شيء مما اقترحوه لأن إيتاء الآيات المقترحة على الرسل يقتضي في سنة الله هلاك الأُمة بعذاب الاستئصال إذا لم تؤمن به، والله لا يهلك أمة نبي الرحمة. انتهى.
وفيه: أن دلالة الآيات القرآنية على أن هذه الأُمة سيشملهم القضاء بينهم بالقسط والحكم الفصل مما لا سترة عليها كقوله:
{ { ولكل أُمة رسول فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون، ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين، قل لا أملك لنفسي ضراً ولا نفعاً إلا ما شاء الله لكل أُمة أجل } [يونس: 47 - 49] إلى أن قال { { ويستنبئونك أحقّ هو قل إي وربي إنه لحق وما أنتم بمعجزين } [يونس: 53] إلى آخر الآية.
وقد استدل بالآية على أن الإِيمان لا أثر له إذا لم يقترن بالعمل وهو حق في الجملة لا مطلقاً فإن الآية في مقام بيان أن من كان في وسعه أن يؤمن بالله فلم يؤمن أو في وسعه أن يؤمن ويعمل صالحاً فآمن ولم يعمل صالحاً حتى لحقه البأس الإِلهي الشديد الذي يضطره إلى ذلك فإنه لا ينتفع بإيمانه، وإما من آمن طوعاً فأدركه الموت ولم يمهله الأجل حتى يعمل صالحاً ويكسب في إيمانه خيراً فإن الآية غير متعرضة لبيان حاله بل الآية لا تخلو عن إشعار أو دلالة على أن النافع إنما هو الإِيمان إذا كان عن طوع ولم يحط به الخطيئة ولم تفسده السيئة.
وفي قوله: { لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت } الفصل بين الموصوف والوصف بفاعل الفعل وهو إيمانها وكأنه للاحتراز عن الفصل الطويل بين الفعل وفاعله، واجتماع { في إيمانها } و { إيمانها } في اللفظ.
قوله تعالى: { إن الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء } الخ، وجه الكلام السابق، وإن كان مع المشركين وقد ابتلوا بتفريق الدين الحنيف، وكان أيضاً لأهل الكتاب نصيب من الكلام وربما لوّح إليهم بعض التلويح ولازم ذلك أن ينطبق قوله: { الذين فرَّقوا دينهم وكانوا شيعاً } على المشركين بل عليهم وعلى اليهود والنصارى لاشتراك الجميع في التفرق والاختلاف في الدين الإِلهي.
لكن اتصال الكلام بالآيات المبينة للشرائع العامة الإِلهية التي تبتدئ بالنهي عن الشرك وتنتهي إلى النهي عن التفرق عن سبيل الله يستدعي أن يكون قوله: { الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً } موضوعاً لبيان حال النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع من كان هذا وصفه فالإِتيان بصيغة الماضي في قوله: { فرقوا دينهم } لبيان أصل التحقق سواء كان في الماضي أو الحال أو المستقبل لا تحقق الفعل في الزمان الماضي فحسب.
ومن المعلوم أن تمييز النبي صلى الله على وآله وسلم وإخراجه من أُولئك المختلفين في الدين المتفرقين شيعة شيعة كل شيعة يتبع إماماً يقودهم ليس إلا لأنه رسول يدعو إلى كلمة الحق ودين التوحيد، ومثال كامل يمثل بوجوده الإِسلام ويدعو بعمله إليه فيعود معنى قوله: { لست منهم في شيء } إلى أنهم ليسوا على دينك الذي تدعو إليه، ولا على مستوى طريقك الذي تسلكه.
فمعنى الآية أن الذين فرقوا دينهم بالاختلافات التي هي لا محالة ناشئة عن العلم وما اختلف الذين أُوتوه إلا بغياً بينهم - والانشعابات المذهبية ليسوا على طريقتك التي بنيت على وحدة الكلمة ونفي الفرقة إنما أمرهم في هذا التفريق إلى ربهم لا يماسّك منهم شيء فينبئهم يوم القيامة بما كانوا يفعلون ويكشف لهم حقيقة أعمالهم التي هم رهناؤها.
وقد تبين بما مر أن لا وجه لتخصيص الآية بتبرئته صلى الله عليه وآله وسلم من المشركين أو منهم ومن اليهود والنصارى، أو من المختلفين بالمذاهب والبدع من هذه الأُمة فالآية عامة تعم الجميع.
قوله تعالى: { من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون } الآية تامة في نفسها تكشف عن منّة إلهية يمتن بها على عباده أنه يجازي الحسنة بعشر أمثالها، ولا يجازي السيئة إلا بمثلها أي يحسب الحسنة عشرة والسيئة واحدة ولا يظلم في الإِيفاء فلا ينقص من تلك ولا يزيد في هذه، إن أمكن أن يزيد في جزاء الحسنة فيزيد على العشر كما يدل عليه قوله:
{ { مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء } [البقرة: 261] وأمكن أن يعفو عن السيئة فلا يحسب حتى المثل الواحد.
لكنها أعني الآية باتصالها بما تقدمها وانتظامها معها في سياق واحد تفيد معنى آخر كأنه قيل بعد سرد الكلام في الآيات السابقة في الاتفاق والاجتماع على الحق والتفرق فيه: فهاتان خصلتان حسنة وسيئة يجزي فيهما ما يماثلهما ولا ظلم فإن الجزاء يماثل العمل فمن جاء بالحسنة فله مثلها ويضاعف له ومن جاء بالسيئة وهي الاختلاف المنهي عنه فلا يجزى إلا سيئة مثلها ولا يطمعنّ في الجزاء الحسن، وعاد المعنى إلى نظير ما استفيد من قوله:
{ { وجزاء سيئة سيئه مثلها } [الشورى: 40] أن المراد به بيان مماثلة جزاء السيئة لها في كونها سيئة لا يرغب فيها لا إثبات الوحدة ونفي المضاعفة.
(بحث روائي)
في تفسير العياشي عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام في قوله: { يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفساً إيمانها } قال: طلوع الشمس من المغرب وخروج الدابة والدخان، والرجل يكون مصرّاً ولم يعمل عمل الإِيمان ثم تجيء الآيات فلا ينفعه إيمانه.
أقول: وقوله: الرجل يكون مصراً "الخ" تفسير لقوله: { أو كسبت في إيمانها خيراً } على ما قدمناه ويدل عليه الرواية الآتية.
وفيه عن أبي بصير عن أحدهما عليهما السلام في قوله: { أو كسبت في إيمانها خيراً } قال: المؤمن العاصي حالت بينه وبين إيمانه كثرة ذنوبه وقلة حسناته فلم يكسب في إيمانه خيراً.
وفي تفسير القمي حدثني أبي عن صفوان عن ابن مسكان عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: { يوم يأتي بعض آيات ربك } الآية قال: إذا طلعت الشمس من مغربها فكل من آمن في ذلك اليوم لا ينفعه إيمانه.
وفي الدر المنثور أخرج أحمد وعبد بن حميد في مسنده والترمذي وأبو يعلى وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري
" عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله: { يوم يأتي بعض آيات ربك } قال: طلوع الشمس من مغربها" ]. أقول: والظاهر أن الرواية من قبيل الجري وكذا ما تقدم من الروايات ويمكن أن يكون من التفسير، وكيف كان فهو يوم تظهر فيه البطشة الإِلهية التي تلجئ الناس إلى الإِيمان ولا ينفعهم. وقد ورد طلوع الشمس من مغربها في أحاديث كثيرة جداً من طرق الشيعة عن أئمة أهل البيت عليهم السلام ومن طرق أهل السنة عن جمع من الصحابة كأبي سعيد الخدري وابن مسعود وأبي هريرة وعبد الله بن عمر وخذيفة وأبي ذر وعبد الله بن عباس وعبد الله بن أبي أوفى وصفوان بن عسال وأنس وعبد الرحمن بن عوف ومعاوية وأبي أمامة وعائشة وغيرهم وإن اختلفت في مضامينها اختلافاً فاحشاً.
والأنظار العلمية اليوم لا تمنع تبدل الحركة الأرضية على خلاف ما هي عليه اليوم من الحركة الشرقية أو تبدل القطبين بصيرورة الشمالي جنوبياً وبالعكس إما تدريجاً كما يبينه الأرصاد الفلكية أو دفعة لحادثة جوية كلية هذا كله إن لم يكن الكلمة رمزاً أُشير بها إلى سر من أسرار الحقائق.
وقد عدت في الروايات من تلك الآيات خروج دابة الأرض والدخان وخروج يأجوج ومأجوج وهذه أُمور ينطق بها القرآن الكريم، وعد منها غير ذلك كخروج المهدي عليه السلام ونزول عيسى بن مريم وخروج الدجال وغيرها، وهي وإن كانت من حوادث آخر الزمان لكن كونها مما يغلق بها باب التوبة غير واضح.
وفي البرهان عن البرقي بإسناده عن عبد الله بن سليمان العأمري عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما زالت الأرض إلا ولله فيها حجة يعرف فيها الحلال والحرام، ويدعو إلى سبيل الله، ولا تنقطع الحجة من الأرض إلا أربعين يوماً قبل يوم القيامة فإذا رفعت الحجة وأُغلق باب التوبة لم ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أن ترفع الحجة، وأُولئك من شرار خلق الله، وهم الذين تقوم عليهم القيامة.
أقول: ورواه أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في كتاب مناقب فاطمة بسند آخر عن أبي عبد الله عليه السلام.
وفي تفسير القمي عن أبيه عن النضر عن الحلبي عن معلى بن خنيس عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: { إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً } قال: فارق القوم والله دينهم.
أقول: أي باختلاف المذاهب، وقد مر حديث اختلاف الأُمة ثلاثاً وسبعين فرقة.
وفي تفسير العياشي عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في الآية قال: كان علي عليه السلام يقرؤها: فارقوا دينهم.
أقول: والقراءة مروية عنه عليه السلام من بعض طرق أهل السنة أيضاً على ما في الدر المنثور وغيره.
وفي البرهان عن البرقي عن أبيه عن النضر عن يحيى الحلبي عن ابن مسكان عن زرارة قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام وأنا جالس عن قول الله تبارك وتعالى: { من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها } يجري لهؤلاء ممن لا يعرف منهم هذا الأمر؟ فقال: إنما هي للمؤمنين خاصة. قلت له أصلحك الله أرأيت من صام وصلى واجتنب المحارم وحسن ورعه ممن لا يعرف ولا ينصب؟ فقال: إن الله يدخل أُولئك الجنة برحمته.
أقول: والرواية تدل على أن الأجر بقدر المعرفة، وفي هذا المعنى روايات واردة من طرق الفريقين.
وهناك روايات كثيرة في معنى قوله: { من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها } الآية رواها الفريقان وأوردوها في تفسير الآية غير أنها واردة في تشخيص المصاديق من الصوم والصلاة وغيرها، تركنا إيرادها لذلك.