التفاسير

< >
عرض

وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَٱجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ
٨٧
وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَآ إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا ٱطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَٱشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ
٨٨
قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا فَٱسْتَقِيمَا وَلاَ تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ
٨٩
وَجَاوَزْنَا بِبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ٱلْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّىٰ إِذَآ أَدْرَكَهُ ٱلْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لاۤ إِلِـٰهَ إِلاَّ ٱلَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنوۤاْ إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ
٩٠
آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ
٩١
فَٱلْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلنَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ
٩٢
-يونس

تفسير الأعقم

قوله تعالى: { وأوحينا إلى موسى وأخيه } أمرناهما { أن تبَوَّءا } اتخذا { لقومكما بمصر بيوتاً } هي مصر المعروفة بيوتاً تسكنونها وتأوون إليها { واجعلوا بيوتكم قبلة } أي مصلّى، وقيل: كانوا خائفين فأمروا أن يصلوا في بيوتهم عن ابن عباس ومجاهد، وإبراهيم والسدي، وأبي علي واختلفوا في القبلة، فقيل: أراد الكعبة، وقيل: بيت المقدس { وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه } يعني أشرافهم وكبراءهم { زينة } من متاع الدنيا { وأموالاً في الحياة الدنيا } يعني بسطت ذلك لهم في الدنيا { ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم } دعا عليهم يعني اطمس على أموالهم أهلكها واشدد على قلوبهم قيل: أمتهم بعد سلب أموالهم، وقيل: الشد على القلب عبارة عن الخذلان { قال قد أجيبت دعوتكما } يعني موسى وهارون (عليهما السلام) { فاستقيما }، قيل: على الطاعة وأراد الرسالة والدعاء إلى الدين، وروي أن موسى (عليه السلام) مكث بعد الدعاء أربعين سنة ثم أهلك الله تعالى فرعون وقومه، وقيل: بل أخذ في الحال { ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون } أي لا تتبعان سبيل الجهلة بعبادة غير الله ولا تعجلا فإن العجلة ليست بمصلحة وهذا كما قال لنوح (عليه السلام) إني أعظك أن تكون من الجاهلين { وجاوزنا ببني إسرائيل البحر } أي قطعنا بهم، ثمَّ بيَّن تعالى ما آل إليه من فرعون وقومه، فقال تعالى: { وجاوزنا ببني إسرائيل البحر } وذلك أن الله تعالى لما أجاب موسى أمره بإخراج بني إسرائيل من مصر ليلاً فخرج { فأتبعهم فرعون وجنوده } مشرقين حتى أتوا على البحر وأمر الله موسى أن يضرب البحر بعصاه فانفلق فصار فيه اثني عشر طريقاً يابسة، وارتفع بين كل طريقين الماء كالجبل، وصار في الماء شبه الحروق ينظر بعضهم إلى بعض حتى جاوز موسى وهارون وبني إسرائيل، وانتهى فرعون إلى البحر فرآه بتلك الهيئة ساكناً فهاب دخوله وكان على حصان أدهن فتقدمه جبريل (عليه السلام) على رمكه فخاض البحر، وميكائيل يسوقهم، فاقتحم واقتحمت الخيول فانطبق الماء عليهم وغرقوا، فقال بعضهم: لم يغرق فرعون فقذفه البحر ميتاً حتى رآه بني إسرائيل. { قال آمنت أنه لا إله إلاَّ الذين آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين } { الآن }، قيل: فيه إضمار، أي قيل له: الآن آمنت حين لا يقبل الايمان لأنه حال الالجاء وكنت قبل كافراً مفسداً، واختلفوا في قائل هذا والمخاطب به فقيل: ملك الموت بأمر الله عز وجل، وقيل: جبريل { فاليوم ننجيك ببدنك }، قيل: نبعدك عن جميع ملكك، وقيل: نلقيك على نجوة من الأرض، قال كعب الأحبار رماه الماء إلى الساحل كأنه ثوراً ونبديك كاملاً سوياً أو عرياناً أو بدرعك، وروي أنه كان له درع من ذهب { لتكون لمن خلفك } أي من ورائك { آية } علامة وهم بنو إسرائيل.