التفاسير

< >
عرض

أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ
٥
وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ
٦
وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَق ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى ٱلْمَآءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُمْ مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ ٱلْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ
٧
وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ ٱلْعَذَابَ إِلَىٰ أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ
٨
وَلَئِنْ أَذَقْنَا ٱلإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ
٩
وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَآءَ بَعْدَ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ ٱلسَّيِّئَاتُ عَنِّيۤ إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ
١٠
إِلاَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ
١١
-هود

تفسير الأعقم

{ ألا إِنَّهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه } الآية نزلت في المنافقين، وقيل: في الأخنس بن شريق وكان يظهر لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المحبة وهو يضمر خلاف ما يظهر، وروي أن بعض المنافقين كان إذا رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثنى صدره وظهره وطأطأ رأسه وغطى وجهه كيلا يراه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقيل: هم الكفار يثنون صدورهم على عداوة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقيل: يثنون يخفون ما في صدورهم عن ابن عباس، وقيل: يعرضون بقلوبهم ليستخفوا منه ليخفوا ما فيه من الكفر والنفاق معه، قيل: من الله تعالى جهلاً منهم، وقيل: من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) { ألا حين يستغشون ثيابهم } ويريدون الاستخفاء كراهة لاستماع كلام الله تعالى كقول نوح: { { جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم } [نوح: 7] { وما من دابَّة } أي ما من حيوان يدب على وجه الأرض صغيراً أو كبيراً { إلاَّ على الله رزقها } أي قوتها وهو المتكفل بذلك { ويعلم مستقرها } على وجه الأرض { ومستودعها } حيث تموت، وقيل: مستقرها في الرحم ومستودعها في الصلب { كل في كتاب مبين } في اللوح المحفوظ، يعني ذكرها مكتوب فيه { وهو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام } ومتى قيل: فما الفائدة في هذه المدة مع قدرته تعالى على خلقها في لحظة واحدة؟ قالوا: لطفاً للملائكة ولمن شاهده حالاً بعد حال { وكان عرشه على الماء }، روي أنه ما كان تحته خلق قبل خلق السموات والأرض وارتفاعه فوقها، وفيه دليل على أن العرش كانا مخلوقين قبل السموات والأرض، وقيل: كان الماء على متن الريح والله ممسك ذلك بقدرته، وكلما ازدادت الأجرام كانت أحوج إليه وإلى إمساكه { ليبلوكم } ليعاملكم معاملة المختبر ليظهر إحسان المحسن وإساءة المسيء على ما علمه ليكون الجزاء على الأعمال { ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة } أي أجل معدود أي محدود { ليقولن } هؤلاء الكفار { ما يحبسه } أي يقولون على وجه التكذيب والاستهزاء أين ذلك العذاب وما يحبسه؟ وقيل: قالوه استعجالاً { ولئن أذقنا الإِنسان منّا رحمة } الانسان للجنس، رحمةً نعمةً من صحةٍ وأمنٍ وجدةٍ { ثم نزعناها منه } ثم سلبناه تلك النعمة { إنه ليؤوس } شديد اليأس من أن يعود إليه مثل تلك النعمة المسلوبة، قاطع رجاءه من سعة فضل الله من غير صبر ولا تسليم لقضائه ولا استرجاع { ذهب السيئات عني } أي المصائب التي ساءتني { إنه لفرح } أشد بطراً { فخور } على الناس بما أذاقه الله من نعمائه قد شغله الفرح والفخر عن الشكر لله تعالى { إلاَّ الذين صبروا وعملوا الصالحات } فإن عادتهم ان نالتهم نعمة أن يشكروا وان زالت عنهم نعمة أن يصبروا { أولئك لهم مغفرة } لذنوبهم { وأجر كبير } عظيم وهو الجنة.