التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ ٱلْمَلِكُ إِنِّيۤ أَرَىٰ سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّءْيَا تَعْبُرُونَ
٤٣
قَالُوۤاْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ ٱلأَحْلاَمِ بِعَالِمِينَ
٤٤
وَقَالَ ٱلَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَٱدَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَاْ أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ
٤٥
يُوسُفُ أَيُّهَا ٱلصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّيۤ أَرْجِعُ إِلَى ٱلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ
٤٦
قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعُ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ
٤٧
ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذٰلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ
٤٨
ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ ٱلنَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ
٤٩
-يوسف

تفسير الأعقم

قوله تعالى: { وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان } خرجن من نهر يابس وسبع بقرات { عجاف } فابتلعت العجاف السمان ورأى { سبع سنبلات خضر } قد انعقد حبها وسبعاً { أخر يابسات } قد استحصدت فأدركت، فالتوت اليابسات على الخضر حتى غلبن عليها، فاستعبرها فلم يجد من قومه من يحسن عبارتها، وقوله تعالى: { يأيها الملأ } يعني الأشراف، وروي أنه جمع السحرة والكهنة فقصّها عليهم فقالوا: ما حكى الله سبحانه عنهم { أضغاث أحلام } يعني أخلاط معناه أحلام مختلطة { وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين } أي لا نعلم عبارتها فكأن جهلهم بذلك سبَّب نجاة يوسف لأن الساقي يذكر حديث يوسف (عليه السلام) { وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمةٍ } أي ذكر حديث يوسف وحبسه، بعد أمة أي بعد حين { أنا أنبئكم بتأويله } أي بتفسيره وتعبيره وما يؤول اليه { فأرسلون } والمعنى فأرسلوه إلى يوسف (عليه السلام) فأتاه فقال: { يوسف أيها الصديق } البليغ في الصدق { أفتِنا في سبع بقرات سمان } فإن الملك رأى هذه الرؤيا { لعلّي أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون } فضلك، أو يعلمون تأويل رؤيا الملك، فأجابه يوسف (عليه السلام) معبراً فقال: { تزرعون سبع سنين دأباً } أي كعادتكم في الزراعة في سائر السنين، وقيل: زراعة متوالية في هذه السنين { فما حصدتم } قطعتم من الزرع { فذروه في سنبله } أي أتركوه في سنابله، وإنما أمر بذلك لأنه إبقاء له وأبعد من الفساد، قوله تعالى: { إلاَّ قليلاً مما تأكلون } أي تحتاجون إلى أكله فأخرجوه من السنبل، وليس هذا من الرؤيا في شيء وإنما ذكره نصيحة لهم { ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن } يعني سنين جديبة يأكلن ما قدموا لها وإنما أضاف الأكل إلى السنة لوقوع الأكل فيها كقول الشاعر:

نهارك يا مغرور سهوٌ وغفلةٌ وليلك نوم والردا لك لازم

{ إلاَّ قليلاً مما تحصنون } أي تحرزون وتخبؤون فلا تأكلون، ثم أخبرهم يوسف (عليه السلام) بخبر لم يسألون عنه ولم يكن في رؤيا الملك وكله عن علم الغيب، فقال: { ثم يأتي من بعد ذلك عام } أي سنة { فيه يغاث الناس } وفيه يمطرون من الغيث وهو المطر، وقيل: ينقذون من العذاب { وفيه يعصرون } من الثمار التي تعصر في الخصب كالعنب والزبيب والسمسم والزيتون، فجعل تأويل البقرات السمان والسنبلات الخضر سنين مخصبات، والبقرات العجاف والسنبلات اليابسات سنين مجدبات، ثم بشرهم بعد فراغه من تأويل الرؤيا بأن العام الثامن يجيء مباركاً خصيباً كثير الخير غزير النعم وذلك كله من جهة الوحي، وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): "لقد عجبت من يوسف وكرمه وصبره حين سُئِل عن الرؤيا ولو كنت مكانه ما أخبرتهم حتى أشترط أن يخرجوني ولقد عجبت منه حين أتاه الرسول فقال: { ارجع إلى ربك } ولو كنت مكانه لأسرعت الإِجابة" .