التفاسير

< >
عرض

فَلَمَّا ٱسْتَيْأَسُواْ مِنْهُ خَلَصُواْ نَجِيّاً قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوۤاْ أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَّوْثِقاً مِّنَ ٱللَّهِ وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ ٱلأَرْضَ حَتَّىٰ يَأْذَنَ لِيۤ أَبِيۤ أَوْ يَحْكُمَ ٱللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ ٱلْحَاكِمِينَ
٨٠
ٱرْجِعُوۤاْ إِلَىٰ أَبِيكُمْ فَقُولُواْ يٰأَبَانَا إِنَّ ٱبْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَآ إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ
٨١
وَسْئَلِ ٱلْقَرْيَةَ ٱلَّتِي كُنَّا فِيهَا وَٱلْعِيْرَ ٱلَّتِيۤ أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ
٨٢
قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ
٨٣
وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَٰأَسَفَىٰ عَلَى يُوسُفَ وَٱبْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ ٱلْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ
٨٤
قَالُواْ تَاللهِ تَفْتَؤُاْ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ ٱلْهَالِكِينَ
٨٥
قَالَ إِنَّمَآ أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى ٱللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ
٨٦
-يوسف

تفسير الأعقم

{ فلما استيئسوا منه خلصوا نجياً } يعني أخوة يوسف أيسوا من بنيامين أن يرد إليهم، خلصوا اعتزلوا وانفردوا عن الناس، نجياً أي يناجي بعضهم بعضاً، وقيل: يتناجون في محاربته فلم يتفقوا على ذلك، وقيل: يتناجون بالرجوع إلى أبيهم فلم يتفقوا حياء من أبيهم { قال كبيرهم } وهو روبيل، وقيل: شمعون وكان رئيسهم وأكثرهم في الفضل، وقيل: يهوذا { ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقاً } أي يميناً { فلن أبرح الأرض } أي لن أزال بهذه الأرض، قيل: هي أرض مصر { حتى يأذن لي أبي } بالانصراف اليه { أو يحكم الله لي } بالخروج منها أو بالانتصاف منها أو بالانتصاف ممن أخذ أخي، أو بخلاصه من يده بسبب من الأسباب { وهو خير الحاكمين } لأنه لا يحكم إلا بالحق والعدل { ارجعوا إلى أبيكم } فصرفهم مع العير، وأقام هو لأنه عهد أن لا يرجع { فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق } يعني فقولوا أخرج الصاع من رحله، وقولوا: إنه سرق على ظاهر الحال { وما شهدنا إلاَّ بما علمنا } أي ما نشهد عليه لكن نخبرك بما جرى، وقيل: ما قلنا أنه سرق إلا بما علمنا من وجود الصاع في رحله { وما كنا للغيب حافظين } في الأمر الخفي { واسأل القرية التي كنَّا فيها } وهي مصر أي أرسل إلى أهل القرية مصر واسألهم عن القصة { والعير التي أقبلنا فيها } وأصحاب العير وكانوا قوماً من كنعان، وقيل: جيران يعقوب، وقيل: من صنعاء { قال بل سولت لكم أنفسكم أمراً } وفي الكلام حذف دل عليه الكلام ما بقي تقديره فلما رجعوا إلى أبيهم وقصُّوا عليه القصة قال مجيباً لهم: بل سولت لكم أنفسكم، يعني أردتم وهممتم به، وقيل: أعطيتكم أنفسكم سولها { فصبر جميل } أي شأني صبر جميل لا جزع معه { عسى الله أن يأتيني بهم جميعاً }، وقيل: أوحى الله اليه بذلك، وقوله: عسى واجبٌ لأنه علم أن حديث السرقة باطل ولكن لم يعلموا أن الله { هو العليم } بأحوال خلقه { الحكيم } في تدابيرهم { وتولى عنهم وقال يا أسفي على يوسف } والأسف أشد الحزن { وابيضَّت عيناه من الحزن } والبكاء قيل: عمي، وقيل: كان لا يبصر إلاَّ شيئاً قليلاً { فهو كظيم } مملوء من الهم والحزن وكان البياض الذي حدث في عين يعقوب من الحزن، روي ما جفت عينا يعقوب من وقت فراق يوسف إلى وقت لقائه ثمانين سنة، وما على وجه الأرض أكرم على الله تعالى من يعقوب { قالوا تالله تفتؤ تذكر يوسف } أي لا تزال تذكر يوسف { حتى تكون حرضاً } الحرض المشرف على الهلاك وهو فساد الجسم والعقل { أو تكون من الهالكين } أي المبتلين، ومتى قيل: ما معنى قولهم هذا لأبيهم؟ قالوا: ليكف من البكاء إشفاقاً عليه فأجابهم يعقوب { قال إنما أشكو } أي أظهر شكواي { بثي } أي همي عن ابن عباس، وقيل: حاجتي { وحزني إلى الله } تعالى { وأعلم من الله ما لا تعلمون } أي أعلم من إحسان الله ما لا تعلمون، وقيل أعلم أن رؤياه صادقة.