التفاسير

< >
عرض

رَّبَّنَآ إِنَّيۤ أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ ٱلْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ فَٱجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ ٱلنَّاسِ تَهْوِىۤ إِلَيْهِمْ وَٱرْزُقْهُمْ مِّنَ ٱلثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ
٣٧
رَبَّنَآ إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ فَي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِي ٱلسَّمَآءِ
٣٨
ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى ٱلْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ ٱلدُّعَآءِ
٣٩
رَبِّ ٱجْعَلْنِي مُقِيمَ ٱلصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَآءِ
٤٠
رَبَّنَا ٱغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ ٱلْحِسَابُ
٤١
وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ ٱلظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ ٱلأَبْصَارُ
٤٢
مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ
٤٣
-إبراهيم

تفسير الأعقم

{ ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد } بوادي مكة { غير ذي زرع } لأنه لم يكن فيها يومئذ لا زرع ولا ضرع { عند بيتك } إضافة اليه لأنه مالكه ولا يملكه أحد سواه، وقوله: { المحرم } لأن الله تعالى حرم التعرض له والتهاون به وجعل ما حوله حرماً بمكانه أو لأنه حرم على الطوفان أي منع منه { فاجعل أفئدة من الناس } من للتبعيض، ويدل عليه ما روي عن مجاهد: لو قال أفئدة الناس لزاحمتكم عليه فارس والروم { تهوي اليهم } تسرع اليهم، وقيل: تهوي إلى الحج والعمرة مع سكانهم وادياً ما فيه منها باب يجلب اليهم من البلاد { لعلهم يشكرون } النعمة في أن يرزقوا أنواع الثمرات، فأجاب الله دعوته فجعله حرماً آمناً تجبى اليه ثمرات كل شيء رزقاً من لدنه { ربنا إنك تعلم ما نُخفي وما نعلن وما يخفى على الله من شيء } الذي هو عالم الغيب من شيء في كل مكان { الحمد لله الذي وهب لي على الكبر اسماعيل واسحاق } يعني فأنا كبير، وروي أن إسماعيل ولد له وهو ابن تسع وتسعين سنة، وولد إسحاق وهو ابن مائة واثني عشر سنة، وقد روي أنه ولد له إسماعيل وهو لأربع وستين، وإسحاق لتسعين، وعن سعيد بن جبير: لم يولد لإِبراهيم إلاَّ بعد مائة وسبع عشرة سنة. { إن ربي لسميع الدعاء } قابله ومجيبه عن ابن عباس كقوله سمع الله لمن حمده، { ربّنا وتقبّل دعاء } أي أجب، وقيل: تقبل عملي وعبادتي { ربنا اغفر لي ولوالدي } قيل: أراد أبويه وأمه كان وعده أن يسلم فلما مات على الكفر تبرأ منه، وقيل: أراد آدم وحوى، وقرئ في الشواذ ولدي يعني اسماعيل وإسحاق، وروي أن اسماعيل ولد ولإبراهيم بضع وثمانين سنة، وولد إسحاق وله مائة وفرض الختان يوم ولد إسحاق، واختتن ابراهيم وإسماعيل وإسحاق، وكان لسارة يوم ولد إسحاق ثلاث وتسعين سنة، ولما ولدت هاجر اسماعيل وكانت أمه لسارة وهبتها من إبراهيم فنقلها إلى مكة ولا زرع ولا ضرع ولا أحد وأراد أن يرجع قالت: إلى من تكلنا؟ قال: إلى الله، قلت: نعم حسبنا الله، ثم دعا بما حكى الله عنه { ربنا إني أسكنت من ذريتي }، وقيل: قالت: الله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: فإذاً لا يضيعنا، قال: فلما عطشت وقلّ لبنها وعطش الصبي انتهت به إلى موضع رمل فضرب بقدمه ففارت عيناً، وروي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: "رحم الله أم إسماعيل، لولا أنها عجلت لكان زمزم عيناً" ثم نزل بها جرهم، وأما ما ذكر أنه نقلهما إلى ذلك المكان بأمر امرأته فلو كان كذلك لنقلهما إلى بعض أطراف الشام ولأن عظيم منزلته لا يجوز أن يضعهما بأرض مضيعة، وقد روي أنه قال: الله تعالى أمرني بهذا، روي الخبر في الحاكم، قوله تعالى: { ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون } يعني لا تظن أن الله ساهياً عما يعمل الظالمون وهذا تهديدٌ لهم { إنما يؤخرهم ليوم } يعني يؤخر عقوبتهم إلى يوم هذه صفته إلى يوم القيامة، وقيل: يوم الحشر من القبور { تشخص فيه الأبصار } وشخوص البصر لا يصرفون أبصارهم يميناً وشمالاً وعينهم مفتوحة ممدودة من غير تحريك الأجفان { مهطعين } مسرعين { مقنعي رؤوسهم لا يرتد اليهم طرفهم } لا يرجع اليهم نظرهم فينظروا إلى أنفسهم { وأفئدتهم هواء } يعني قلوبهم خالية من كل شيء فزعاً وخرماً، وقيل: نزعت أفئدتهم.