التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ
١٨٣
أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ
١٨٤
شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيۤ أُنْزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ ٱلْهُدَىٰ وَٱلْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ ٱلْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ ٱلْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
١٨٥
وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ
١٨٦
-البقرة

تفسير الأعقم

قوله تعالى: { يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام } النزول: ذكر اهل التَّفاسير ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لما قدم المدينة فرض عليه صوم يوم عاشوراء وثلاثة ايام في كل شهر ثم نسخ ذلك وفرض صيام شهر رمضان قبل بدر بشهر وايام، وعن ابي ذر الغفاري عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "نزلت صحف ابراهيم (عليه السلام) في ثلاث ليال مضين من رمضان وتوراة موسى (عليه السلام) في ست وانجيل عيسى (عليه السلام) في ثلاث عشرة وزبور داوود في ثماني عشرة والفرقان في الرابعة والعشرين" ، وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) انه خطب في آخر يوم من شعبان وقال: "ايها الناس انه قد اطلكم شهرٌ عظيمٌ مباركٌ فيه ليلة خير من ألف شهر جعل الله تعالى صيامه فريضة وقيامه تطوعاً فمن تقرب فيه بخصلةٍ من خصال الخير كان كمن أدّى فريضة فيما سواه ومن أدّى فيه فريضة كان كمن أدّى سبعين فريضة فيما سواه وهو شهر الصبر والصبر ثوابه الجنة والمواساة وشهر يزاد فيه في رزق المؤمن وشهر أوله رحمةٌ وأوسطه مغفرةٌ وآخره عتق من النار من فطّر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار وكان له مثل أجره من غير ان ينقص من أجره شيئاً قلنا: يا رسول الله ليس كلنا يجد ما يفطر الصائم، قال: يعطي الله هذا الثواب من فطر صائماً على مذقة لبن أو تمرة أو شربة ماء ومن اشبع فيه صائماً سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ بعدها ابداً حتى يدخل الجنة وكان كمن اعتق رقبة" { وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين } قيل:هو الشيخ الهمّ، وقيل: هو منسوخٌ { فمن تطوّع خيراً } قيل: تطوع بزيادة الطعام وذلك يكون على وجهين احدهما ان يطعم مسكيناً او اكثر والثاني ان يطعم المسكين الواحد اكثر من الكفاية حتى يزيده على نصف صاع، وقيل: صام مع الفدية { وان تصوموا خير لكم } يعني ان الصَّوم خير من الافطار والفدية { شهر رمضان } سُمِّي رمضان لان رمضان اسم من أسماء الله تعالى كأنه قيل: شهر الله { الذي أُنزل فيه القرآن } قيل: ان القرآن انزل كله في ليلة القدر إلى سماء الدنيا ثم أُنزل على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مفرقاً، وقيل: ابتداء إنزاله في ليلة القدر من شهر رمضان { هدى للناس } يتضمن بيِّنات من الهدى والفرقان للناس يعني دلالة لهم فيما كلّفوه من العلوم { وبينات } فبين انه مع كونه هدى يتضمن { بينات من الهدى والفرقان } فوجب حمله على غير ما تقدم، وقيل: المراد بالهدى الاول الهدى من الضلالة وبالثاني بيان الحلال والحرام عن ابن عباس، ثم وصف القرآن بأنه فرقان يعني يفرق بين الحق والباطل والحلال والحرام، وقيل: ذلك ترغيبٌ في تدبُّره { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } الالف واللام في الشهر للعهد والمراد به شهر رمضان، وقيل: "من شهد اول الشهر فليصمه جميعه" عن علي (عليه السلام)، ومعنى شهد قيل: شاهد الشهر وهو مكلف فليصمه حتماً { ومن كان مريضاً او على سفرٍ } بين الترخيص للمريض والمسافر فمن العلماء من قال: الفطر للمسافر عزيمة، ومنهم من قال: رخصة وهو قول الفقهاء، ثم اختلفوا فمنهم من قال: الصوم أفضل وعليه الأكثر، ومنهم من قال: الفطر أفضل { فعدة من أيام أُخر } أي فان أفطر فعليه عدة من أيام أخر، واختلفوا هل للعدة وقت ام لا، فقال ابو حنيفة: لا وهو موسع، وقيل: مؤقت بين رمضانين وان فطر لزمته الفدية { يريد الله بكم اليسر } في الرخصة للمريض والمسافر { ولتكبروا الله على ما هداكم } قيل: اراد بالتكبير الفطر ويوم الفطر، وقيل: التعظيم لله والثناء عليه، قوله تعالى: { واذا سألك عبادي عني فإني قريب } الآية، نزلت في رجل من العرب قال: يا رسول الله أقريب ربنا فنناجيه ام بعيد فنناديه فنزلت: فاني قريب السماع، وقيل: قريب بالعلم والقدرة { فليستجيبوا لي } اذا دعوتهم للايمان والطاعة كما اني اجيبهم اذا دعوني لحوائجهم وليؤمنوا بي اي يصدقوا بجميع ما انزلته { لعلهم يرشدون } والراشد المصيب للخير ومنه رجل رشيد، وقد روي عن ابراهيم بن ادهم انه قيل له: ما لنا [ما بالنا] ندعو اله فلا نُجاب؟! قال: لأنكم عرفتم الله فلم تطيعوه وعرفتم الرسول فلم تتبعوا سنته وعرفتم القرآن فلم تعملوا به واكلتم نعم الله فلم تشكروه وعرفتم الجنة فلم تطلبوها وعرفتم النار فلم تهربوا منها وعرفتم الشيطان فلم تحاربوه ولم تخالفوه وعرفتم الموت فلم تستعدوا له ودفنتم الاموات فلم تعتبروا بهم وتركتم عيوبكم واشتغلتم بعيوب الناس.