التفاسير

< >
عرض

فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ
٤٥
أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَآ أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى ٱلأَبْصَارُ وَلَـٰكِن تَعْمَىٰ ٱلْقُلُوبُ ٱلَّتِي فِي ٱلصُّدُورِ
٤٦
وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلْعَذَابِ وَلَن يُخْلِفَ ٱللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ
٤٧
وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ ٱلْمَصِيرُ
٤٨
قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّمَآ أَنَاْ لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ
٤٩
فَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ
٥٠
وَٱلَّذِينَ سَعَوْاْ فِيۤ آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَحِيمِ
٥١
-الحج

تفسير الأعقم

{ فكأيّن من قرية } أي كم من قرية { أهلكناها وهي ظالمة } أي أهلكناها ظالمة { فهي خاوية على عروشها } قيل: ساقطة على سقوفها، أي تهدمت الحيطان على السقوف، وقيل: خالية عن أهلها، قال جار الله (رحمه الله تعالى): { وبئر معطلة } متروكة مخلاة من أهلها { وقصر مشيد } قيل: رفيع طويل، والمعنى كم قرية أهلكناها وكم بِئر عطلناها عن سقائها وقصر مشيَّد، قال جار الله: والمشيد المجصص المرتفع البنيان، وروي أن هذه بئر نزل عليها صالح مع أربعة آلاف نفر ممن آمن به ونجاهم الله من العذاب وهم بحضرموت، وإنما سميت بذلك لأن صالحاً حين حضرها مات، وثم بلد عند البئر اسمها حاصوراء بناها قوم صالح، وأمروا عليها جهلس بن حلاس فأقاموا بها زماناً، ثم كفروا وعبدوا صنماً، وأرسل الله اليهم حنظلة بن صفوان نبياً فقتلوه، فأهلكهم الله وعطّل بئرهم وخرَّب قصورهم { أفلم يسيروا في الأرض } يحتمل أنهم لم يسافروا فحثوا على السفر ليروا مصارع من أهلكهم الله بكفرهم ويحتمل أن يكونوا قد سافروا وراء ذلك ولكن لم يعتبروا فجُعِلوا كأن لم يسافروا ولم يروا { فتكون لهم قلوب يعقلون بها } ما يجب أن يعقل من التوحيد ويسمعون ما يجب أن يسمع من الوحي { فإنها لا تعمى الأبصار } يعني أبصار هؤلاء الكفار { ولكن تعمى القلوب } حيث لم يتفكروا { التي في الصدور }، وقيل: أراد بالعمي الضلال، يعني ضلّ القلب دون البصر، وذكر الصدر تأكيداً { ويستعجلونك بالعذاب } نزلت في النضر بن الحارث واستعجالهم بالعذاب ردّاً وكذباً { ولن يخلف الله وعده } لن يخلف الله شيئاً، وذلك أنهم وعدوا وعداً ولن يخلف الله شيئاً منه وهذا يوم بدر أو يوم القيامة { وإن يوماً عند ربك } يعني يوم القيامة { كألف سنة مما تعدون } قيل: يوم من أيام الآخرة كألف سنة من أيام الدنيا، وقيل: أن يوماً في مقدار العذاب في ذلك اليوم لشدته كمقدار عذاب ألف سنة من أيام الدنيا، وقيل: أراد الطول ووقوف العبد للمحاسبة يوم القيامة، ومتى قيل: كيف يصح ذكر اليوم في الآخرة لا نهار ولا ليل؟ قالوا: يحتمل أن يكون هناك علامة إذا بلغ ذلك القدر سمي يوماً فيكون مقداره في الدنيا ألف سنة { وكأين من قرية أمليت لها } أي أمهلت لها { وهي ظالمة } أي أهلها فلم أعاجلها بالعذاب للمصلحة { ثم أخذتها } بالعذاب { وإليَّ المصير } للجميع فيه أن طول الإمهال لا يعتبر به { قل } يا محمد { يأيّها الناس إنما أنا لكم نذير مبين } نذير مخوف بالعذاب لمن عصى ومبشراً بالجنّة لمن أطاع { فالذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة ورزق كريم }، قيل: نعيم الجنة وهو أكرم نعيم وأكبر دار { والذين سعوا } على طمع { في آياتنا } في إعجاز الرسول والمؤمنين فأضافه إلى نفسه تعظيماً، وقيل: مقدرين أن يعجزوا الله ولن يعجزوه، وقيل: مغالبين، وقيل: سابقين، وقيل: يعجزون المؤمنين، وقرأ ابن كثير معجزين بالتشديد { أولئك أصحاب الجحيم } يعني الملازمون لجهنم خالدين فيها.