قوله تعالى: { يأيّها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا } يعني صلّوا واعبدوا، وقيل: كان الناس أول ما أسلموا يسجدون بلا ركوع ويركعون بلا سجود فأمروا بأن تكون صلاتهم ركوع وسجود، وقيل: معنى { واعبدوا ربكم } اقصدوا بركوعكم وسجودكم وجه الله { وافعلوا الخير } قيل: الآداء والزكاة، وقيل: افعلوا الخيرات من الفرائض والنوافل، وعن ابن عباس: صلة الأرحام ومكارم الأخلاق، قوله تعالى: { لعلكم تفلحون } أي افعلوا هذا كله وأنتم راجون الفلاح طامعون فيه، وعن عقبة بن عامر (رضي الله عنه) قال: قلت: يا رسول الله في سورة الحج....؟ قال: "نعم إن لم تسجدهما فلا تقرأهما" { وجاهدوا } أمروا بالغزو وبمجاهدة النفس والهوى وهو الجهاد الأكبر، وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه رجع من بعض غزواته فقال: "رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر" { في الله } أي في دينه { حق جهاده } قال جار الله: كان القياس حق الجهاد فيه أو حق جهادكم فيه وهي ثلاثة مع الكفار بالسيف والحجة، ومع المبتدعة بالحجة ومع النفس بالامتناع عن المعاصي { هو اجتباكم } لدينه وجهاد أعدائه { وما جعل عليكم في الدين من حرج } أي من ضيق، وقيل: لم يكلفكم ما لم تطيقونه بل جعل فيه التوبة { ملة أبيكم إبراهيم } أي دينه وإنما ذكر ذلك لأن ملته داخلة في ملة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وسماه أبا الجميع لأن حرمته كحرمة الوالد على الولد { هو سمَّاكم المسلمين } هو يرجع إلى الله تعالى، وقيل: إلى إبراهيم { من قبل } أي من قبل القرآن في سائر الكتب وفي القرآن، أي فضلكم على الأمم وسماكم بهذا الاسم الأكرم { ليكون الرسول شهيداً عليكم } أنه قد بلّغكم { وتكونوا شهداء على الناس } بأن الرسل قد بلغتهم، وإذا خصَّكم بهذه الكرامة فاعبدوه وثقوا به ولا تطلبوا النصرة والولاية إلاَّ منه فهو مولى وناصر ومعين.