التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ ٱلَّذِي كَانُواْ يَعْمَلُونَ
٧
وَوَصَّيْنَا ٱلإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَآ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
٨
وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي ٱلصَّالِحِينَ
٩
وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يِقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ فَإِذَآ أُوذِيَ فِي ٱللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ ٱلنَّاسِ كَعَذَابِ ٱللَّهِ وَلَئِنْ جَآءَ نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَ لَيْسَ ٱللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ ٱلْعَالَمِينَ
١٠
وَلَيَعْلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَلَيَعْلَمَنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ
١١
وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّبِعُواْ سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِّن شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
١٢
وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ
١٣
-العنكبوت

تفسير الأعقم

قوله تعالى: { والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفّرن عنهم سيئاتهم } قيل: ذنوبهم بالتوبة، وقيل: الصغائر { ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون } يعني نجزيهم أحسن أعمالهم وهو الذي أمر الله تعالى في العبادات { ووصينا الإِنسان بوالديه } الآية نزلت في سعد بن أبي وقّاص آمن فقالت أمّه بنت أبي سفيان: لا يظلني سقف ولا آكل ولا أشرب حتى تكفر بمحمد فأتى سعد إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وسأله عن ذلك فقال: "أحسن اليهما ولا تطعهما" وقوله: { ووصينا الإِنسان } أي أمرناه بوالديه أن يحسن إليهما { وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم } أي لا علم لك بالإِلهيَّة، والمراد بنفي العلم نفي المعلوم كأنه قال: لتشرك بي ما لا يصح أن يكون إلهاً { فلا تطعهما } في ذلك { إليّ مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون } من خير وشر { والذين آمنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم في الصالحين } في زمرتهم { ومن الناس من يقول آمنا بالله } الآية نزلت في المؤمنين الذين أخرجهم المشركون معهم إلى بدر فارتدوا، وقيل: نزلت في قوم ردهم المشركون إلى مكة، وقيل: هم أناس كانوا يؤمنون بألسنتهم فإذا مسَّهم أذى من الكفار وهو المراد بفتنة الناس كان ذلك صرفا لهم عن الايمان كما أن عذاب الله صارف للمؤمنين عن الكفر فإذا نصر الله المؤمنين وغنموهم اعترضوهم، وقالوا: { إنا كنا معكم } أي تابعين لكم في دينكم ثابتين عليه فأعطونا نصيباً من المغنم، ثم أخبر سبحانه بأنه أعلم { بما في صدور العالمين } من الإِخلاص في الايمان والنفاق { وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين } وعيدٌ لهم فعلم المؤمن مؤمناً لوجود الايمان ونعلم المنافق منافقاً لوجود النفاق، وقيل: يميز الله المؤمن من المنافق، فوضع العلم موضع التمييز لأنه بالعلم يميز بينهم { وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا } الآية نزلت في كفار قريش قالوا للذين أسلموا مثل حسان: إن كنتم تخافون العذاب فنحن نحمله عنكم، فنزلت الآية تكذيباً لهم، وكم من مغرور بمثل هذا الضمان من ضعفة العامة وجهلتهم { ولنحمل خطاياكم } أوزاركم وذنوبكم { وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء } لأن الله تعالى هو المعذب فلا يعذب أحداً بذنب أحد { إنهم لكاذبون } في قولهم { وليحملن أثقالهم وأثقالاً مع أثقالهم } قيل: يحملون أوزارهم وخطاياهم في أنفسهم ويحملون الذين ظلموا بها غيرهم نحو قوله: { { ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم } [النحل: 25] وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: "من سنّ سُنَّةٍ سيئةٍ فعليه وزرها ومثل وزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيئاً ومن سنَّ سنَّةً حسنةً فله أجرها ومثل أجر من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً" { وليسألن يوم القيامة عمَّا كانوا يفترون } وذلك سؤال توبيخ وتبكيت لا سؤال استعلام، عما يفترون: يكذبون.