التفاسير

< >
عرض

فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ ٱللَّهِ ذَلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ
٣٠
مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَٱتَّقُوهُ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ
٣١
مِنَ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ
٣٢
وَإِذَا مَسَّ ٱلنَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْاْ رَبَّهُمْ مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَآ أَذَاقَهُمْ مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ
٣٣
لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ
٣٤
أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُواْ بِهِ يُشْرِكُونَ
٣٥
وَإِذَآ أَذَقْنَا ٱلنَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُواْ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ
٣٦
أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
٣٧
فَآتِ ذَا ٱلْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَٱلْمِسْكِينَ وَٱبْنَ ٱلسَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ ٱللَّهِ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ
٣٨
وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَاْ فِي أَمْوَالِ ٱلنَّاسِ فَلاَ يَرْبُواْ عِندَ ٱللَّهِ وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ ٱللَّهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُضْعِفُونَ
٣٩
-الروم

تفسير الأعقم

{ فأقم وجهك }، قيل: أدم على الاستفتاء في الدين، وقيل: أطع الله في أمره { حنيفاً } مائل من جميع الأديان إلا دين الإِسلام { فطرة الله } التقوى { التي فطر الناس عليها } يعني ولأجلها خلق، وفيه إضمار، أي اتبع فطرته وهو ابتداء خلقه للأشياء لأنه خلقهم وركبهم وصورهم على وجه دل على أن لها صانعاً قادراً عالماً حيَّاً سمعياً بصيراً واحداً لا يشبه شيء { لا تبديل لخلق الله } أي لدين الله { ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون } أنه خلقهم للعبادة، وقيل: لا يعلمون أن الدين القيم الاسلام { منيبين إليه واتقوه } أي راجعين إليه بالتوبة مقبلين عليه بالطاعة { واتقوه } أي واتقوا عذابه { ولا تكونوا من المشركين } { من الذين فرقوا دينهم } تركوا دين الاسلام أو فرقوا، أي كل واحد منهم كان على دين ما تهواه فهم جعلوه إيماناً والحق واحدٌ { وكانوا شيعاً } أي فرقاً لكل واحد منهم مذهب ودين، وقيل: هم اليهود والنصارى، وقيل: جميع الكفار، وقيل: هم أهل البدع { كل حزب } جماعة { بما لديهم فرحون } يعني بما يعبدونه من المذاهب والدين { وإذا مس الناس ضر } مرض أو فقر أو ما أصابهم في أنفسهم وأموالهم { دعوا ربهم منيبين إليه ثم إذا أذاقهم منه رحمة } قيل: استجاب دعاءهم ورحمهم، وقيل: أعطاهم نعمة، وقيل: الرحمة الخصب والنعم { إذا فريق منهم بربهم يشركون }، قوله تعالى: { ليكفروا بما آتيناهم } بإضافة النعم إلى غيره { فتمتعوا } بهذه الدنيا { فسوف تعلمون } عاقبة أمرهم إذا بعثوا للجزاء { أم أنزلنا عليهم سلطاناً } قيل: برهاناً إلى ما ذهبوا إليه، وقيل: رسولاً، وقيل: حجة، وقيل: كتاب { فهو يتكلم بما كانوا به يشركون } أي يتكلم بحجة وعذر لهم في شركهم { وإذا أذقنا الناس رحمةً } أي نعمة من مطر وسعة أو صحة { فرحوا بها وإن تصبهم سيئة } أي بلاء من جدب أو ضيق بحسب المصلحة، فلا ينبغي أن يقنطوا عند الشدة { إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون } وخصّهم لأنهم انتفعوا بالآيات { فآت ذا القربى حقه }، قيل: خطاب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقيل: الخطاب لغيره، حق ذي القربى صلة الرحم، وحق { المسكين وابن السبيل } نصيبهما من الصدقة، والمسكين الذي لا شيء له، وابن السبيل المسافر المنقطع عن ماله { ذلك خير } فعل ما أمر الله به { للذين يريدون وجه الله } أي ابتغاء مرضاته وثوابه { وأولئك هم المفلحون } الفائز بالبقاء الدائم { وما آتيتم من رباً ليربوا في أموال الناس } أراد الربا المحظور { فلا يربوا عند الله } ولا يبارك فيه { وما آتيتم من زكاة } أي أعطيتم من الزكاة على ما فرض الله وشرعه { تريدون وجه الله } أي طلب ثوابه ومرضاته { فأولئك هم المضعفون } أي يضاعف لهم الثواب على ذلك.