التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ ٱجْتَنَبُواْ ٱلطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ فَبَشِّرْ عِبَادِ
١٧
ٱلَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقَوْلَ فَيَـتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَاهُمُ ٱللَّهُ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمْ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ
١٨
أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي ٱلنَّارِ
١٩
لَـٰكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَعْدَ ٱللَّهِ لاَ يُخْلِفُ ٱللَّهُ ٱلْمِيعَادَ
٢٠
أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي ٱلأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِـيجُ فَـتَرَاهُ مُصْفَـرّاً ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَاماً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَىٰ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ
٢١
أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِّن ذِكْرِ ٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ
٢٢
ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ ذَلِكَ هُدَى ٱللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَآءُ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ
٢٣
-الزمر

تفسير الأعقم

{ والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها } الآية نزلت في زيد بن عمرو، وورقة بن نوفل، وأبي ذر الغفاري، وسلمان الفارسي، وكانوا في الجاهلية يقولون: لا إله إلا الله، والطاغوت الأوثان، وقيل: الشيطان { وأنابوا إلى الله } أي رجعوا اليه وأخلصوا عبادته { لهم البشرى } في الدنيا والآخرة { فبشر عباد } { الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه }، قيل: أحسنه طاعة الله، وقيل: أحسنه يتبعون الناسخ دون المنسوخ، وقيل: يتبعون القرآن لأنه أحسن الحديث { أولئك الذين هداهم الله } بالألطاف، وقيل: هداهم إلى الجنة، وقيل: حكم بهدايتهم { وأولئك هم أولو الألباب } أولو العقول { أفمن حق عليه كلمة العذاب } بكفره { أفأنت تنقذ من في النار } هذا نفي، أي لا ينقذهم طهرك { لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف } أي منازل عالية أنشأها الله { من فوقها غرف } على بعضها فوق بعض { مبنية تجري من تحتها الأنهار وعد الله } ذلك المتقين والله لا يخلف الميعاد { ألم تر } ألم تعلم { أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع } عيوناً { في الأرض } معناه أنزل من السماء ماء المطر، وكل ما في الأرض فهو ينزل من السماء إلى الصخرة ثم يقسمه الله، فسلكه وأدخله ويطعمه، ينابيع في الأرض عيوناً ومسالك ومجاري كالعروق في الأجساد { ثم يخرج به زرعاً مختلفاً ألوانه } كالبرّ والشعير والذرة والسمسم ونحوه، وقيل: من ألوان النبات أخضر وأصفر وأحمر وأبيض وأسود { ثم يهيج } يتم حفافه { فتراه مصفراً } بعد خضرته؟ { ثم يجعله حطاماً } يابساً مكسراً { إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب } أي حجة للعاقل إذا تفكر فيها علم أن لها صانعاً { أفمن شرح الله صدره للإِسلام } الآية نزلت في عمار بن ياسر، وقيل: نزلت في رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) "وقرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هذه الآية فقيل: يا رسول الله كيف شرح الصدر؟ فقال: إذا دخل النور القلب انفسح، فقيل: يا رسول الله فما علامة ذلك؟ قال: الإِنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والتأهب للموت قبل نزول الموت" { فهو على نورٍ من ربه }، قيل: على دلالة وهدى من ربه { فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله } الآية نزلت في أبي جهل وأصحابه وقسوتهم أنهم ردوا الحق واعتقدوا الباطل { أولئك } يعني القاسية قلوبهم { في ضلال } عن الحق { مبين } وعن ابن مسعود وابن عباس: قالت الصحابة: حدثنا يا رسول الله، فنزل: { الله نزل أحسن الحديث } سماه أحسن لأنه معجزة تشتمل على ما يحتاج إليه المكلف من التنبيه على أدلة التوحيد، والعدل، وبيان أحكام الشرائع والمواعظ، والزواجر، وقصص الأنبياء وأممهم، والوعد والوعيد { كتاباً } هو القرآن سمي كتاباً لأنه يكتب { متشابهاً } لأنه يشبه بعضه بعض فلا تناقض فيه { مثاني } أي يثبت فيه القصص، والأخبار، وذكر الجنة والنار، وقيل: لأنه بيّنا في التلاوة { تقشعر منه } أي تضطرب من القرآن إذا سمع ما فيه من الوعد والوعيد والاخبار { جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين } تطمئن بالايمان { جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله } تعالى { ذلك هدى الله } يعني القرآن { يهدي به من يشاء } وهم الذين آتاهم القرآن وهداهم به { ومن يضلل الله فما له من هاد }، قيل: من يضل عن رحمة الله فلا هادي له، وقيل: من يضلله عن زيادة الهدى والالطاف لأن الكفارة لا لطف لهم عنده، وقيل: يحكم الله بضلالته ولا يحكم بهدايته أحدٌ، وقيل: من يضلل الله عن طريق الجنة والثواب لا يهديه إليها أحدٌ، ولا يجوز حمله على أنه يضل عن الدين لأنه قبيح فلا يجوز عليه تعالى.