التفاسير

< >
عرض

وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَىٰ مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً
١٥٦
وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا ٱلْمَسِيحَ عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ ٱللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ ٱتِّبَاعَ ٱلظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً
١٥٧
بَل رَّفَعَهُ ٱللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً
١٥٨
وَإِن مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً
١٥٩
فَبِظُلْمٍ مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ كَثِيراً
١٦٠
وَأَخْذِهِمُ ٱلرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ ٱلنَّاسِ بِٱلْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً
١٦١
-النساء

تفسير الأعقم

{ وبكفرهم وقولهم على مريم بهتاناً عظيماً } { وقولهم إنّا قتلنا المسيح } سمي مسيحاً لأنه مسح بالبركة، وقيل: لأنه يسيح في الأرض، وقولهم عيسى ابن مريم رسول الله قال جار الله: فإن قلت: كانوا كافرين بعيسى (عليه السلام) أعداء له عامدين لقتله يسمونه الساحر ابن الساحرة والفاعل ابن الفاعلة، فكيف قالوا: { إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله }؟ قلت: قالوا على وجه الاستهزاء كقول فرعون: { { إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون } [الشعراء: 27] ويجوز أن يضع الله الذكر الحسن مكان الذكر القبيح في الحكاية عنهم، وروي أن رهطاً من اليهود سبّوه وسبُّوا أُمَّهُ ودعا عليهم: اللهم أنت ربي وخلقتني بكلمتك، اللهم العن من سبَّني وسبَّ والدتي، فمسخ الله من سبَّهما قردة وخنازير فاجتمعت اليهود على قتله فأخبره الله بأنه يرفعه إلى السماء ويطهّره من اليهود فقال لأصحابه: "أيكم يرضى أن يلقى عليه شبهي فيقتل ويصلب ويدخل الجنة؟" فقال رجل منهم: أنا، فألقى الله عليه شبهه فقتل وصُلِب، وقيل: كان رجلاً منافق لعيسى (عليه السلام) فلما أرادوا قتله قال: أنا أدلكم عليه فدخل فرفع الله عيسى وألقى شبهه على المنافق فدخلوا عليه فقتلوه وهم يظنون أنه عيسى، ثم اختلفوا فقال بعضهم: إنه إله لا يصح قتله، وقال بعضهم: أنه قتل وصُلِب، وقال بعضهم: هذا عيسى فأين صاحبنا؟ وإن كان صاحبنا فأين عيسى؟ وقال بعضهم: رفع إلى السماء، وقال بعضهم: الوجه وجه عيسى والبدن بدن صاحبنا { إلا اتباع الظن } يعني قال جار الله: استثناء منقطع لأن اتباع الظن ليس من جنس العلم ولكن يتَّبعون الظن { وما قتلوه يقيناً } وما قتلوه قتلاً يقيناً وما قتلوه كما ادّعوا ذلك في قولهم: إنَّا قتلنا المسيح { وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته } يعني اليهود والنصارى ما منهم أحد إلا ليؤمنن به قبل موته بعيسى وأنه عبد الله ورسوله يعني إذا عاين حين لا ينفعه إيمانه، وقيل: ليؤمنن به يرجع الضمير إلى الله، وقيل: إلى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وروي أنه ينزل من السماء في آخر الزمان فلا يبقى أحد من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به حتى تكون الملَّة واحدة وهي ملة الإِسلام ويهلك الله في زمانه الدجال ويقع الأمنة حتى يرتع الأسد مع الإِبل، والذئاب مع الغنم، والنمران مع البقر، وتلعب الصبيان بالحيات، ويلبث في الأرض أربعين سنة ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون ويدفنونه، قال جار الله: ويجوز أن يريد أنه لا يبقى أحد من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به على أن الله يحييهم في قبورهم في ذلك الزمان ويعلمهم نزوله وما أنزل به ويؤمنوا حين لا ينفعهم الإِيمان { فبظلم من الذين هادوا } الآية والألبان حرمت عليهم الطيبات إلا لظلم عظيم ارتكبوه من الكفر والكبائر العظيمة والطيبات التي حرمت عليهم ما ذكره في قوله: { وعلى الذين هادوا حرّمنا كل ذي ظفر } الآية والألبان حرمت عليهم وقد قدمنا كلامهم.