التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بِٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ
٣٠
نَحْنُ أَوْلِيَآؤُكُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِيۤ أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ
٣١
نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ
٣٢
وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ
٣٣
وَلاَ تَسْتَوِي ٱلْحَسَنَةُ وَلاَ ٱلسَّيِّئَةُ ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ
٣٤
وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ
٣٥
-فصلت

تفسير الأعقم

{ إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا } قولا، وقيل: استمروا على الدين وثبتوا على الاعتقاد للتوحيد والعدل وعلى طاعته واجتناب معصيته، وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): "أدوا الفرائض" ، وقيل: استقاموا على شهادة أن لا إله إلاَّ الله، وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): "لعن الله اليهود، قالوا ربنا الله ثم لم يستقيموا، وكذلك النصارى، ورحم الله أمتي { قالوا ربنا الله ثم استقاموا }" { تتنزل عليهم الملائكة } عند الموت، وقيل: إذا خرجوا من قبورهم تستقبلهم الملائكة بهذا القول: { لا تخافوا ولا تحزنوا } الآية، وقيل: البشرى تكون في ثلاثة مواطن: عند الموت وفي القبر وفي البعث { ألا تخافوا }، قيل: الخوف يتناول المستقبل والحزن يتناول الماضي وهذا نهاية المطلوب، وقيل: لا تخافوا على ما تقدمون عليه من أمور الآخرة ولا تحزنوا على ما خلفتم في دنياكم من مال وولد { وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون } على ألسنة الرسل وفي الكتب { نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا } أي تقول الملائكة لهم قيل: هم الحفظة، وقيل: ملائكة البشارة نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا { وفي الآخرة } بأنواع الكرامة { ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم } من أنواع النعم { ولكم فيها ما توعدون } ما تشاؤون { نزلاً } أي رزقاً، والنزل ما تضمنه لضيفه إكراماً له { من غفور رحيم } من الله الذي يغفر الذنوب ويرحم { ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله } أي لا قول أحسن من قول من دعا إلى الله إلى توحيد الله وعدله، وعن ابن عباس: هو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) دعا إلى الإِسلام { وعمل صالحاً } فيما بينه وبين ربه وجعل الإِسلام نحلة له، وقيل: هم جميع الأئمة والدعاة إلى الحق، وقيل: هم المؤذنون، وقيل: الآية الإِقامة، وعمل صالحاً صلى ركعتين بين الأذان والإِقامة { وقال إنني من المسلمين }، قيل: من المناقد مَنْ يقول أنا على دين محمد وعلى ملَّة إبراهيم أدعوكم إليه { ولا تستوي الحسنة ولا السيئة } يعني أنهما متفاوتان في أنفسهما فخذ بالحسنة التي هي أحسن فادفع بها السيئة التي ترد عليك من بعض أعدائك، ومثال ذلك رجل أساء إليك إساءة فالحسنة أن تعفو عنه، والتي هي أحسن أن تحسن إليه مكان إساءته إليك، مثال ذلك أن يذمك فتمدحه، ويقتل ولدك فتفتدي ولده من يد عدوه، فإنك إذا فعلت ذلك انقلب عدوك المشاق مثل الولي الحميم مصافياً لك، قال في الغرائب والعجائب عن علي (عليه السلام): "الحسنة حب آل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والسيئة بغضهم"، ثم قال: { وما يلقّاها } أي ما يلقى هذه الخليقة والسجيَّة التي هي مقابلة السيئة بالإِحسان { إلا الذين صبروا وما يلقّاها إلاَّ ذو حظ عظيم } إلا أهل الصبر، وإلاَّ رجل خير وفق لحظ عظيم من الخير، وعن ابن عباس: بالتي هي أحسن الصبر عند الغضب والحلم عند الجهل، والعفو عند الإِساءة، وفسر الحظ بالثواب، وعنه: والله ما عظم دون الجنة، وقيل: نزلت في أبي سفيان بن حرب وكان عدواً للرسول فصار ولياً.