التفاسير

< >
عرض

وَهُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ ٱلْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ ٱلْوَلِيُّ ٱلْحَمِيدُ
٢٨
وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَآبَّةٍ وَهُوَ عَلَىٰ جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَآءُ قَدِيرٌ
٢٩
وَمَآ أَصَـٰبَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ
٣٠
وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ
٣١
وَمِنْ آيَاتِهِ ٱلْجَوَارِ فِي ٱلْبَحْرِ كَٱلأَعْلاَمِ
٣٢
إِن يَشَأْ يُسْكِنِ ٱلرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَىٰ ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ
٣٣
أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَن كَثِيرٍ
٣٤
وَيَعْلَمَ ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ
٣٥
فَمَآ أُوتِيتُمْ مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ لِلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ
٣٦
وَٱلَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ ٱلإِثْمِ وَٱلْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُواْ هُمْ يَغْفِرُونَ
٣٧
وَٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ
٣٨
وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَابَهُمُ ٱلْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ
٣٩
-الشورى

تفسير الأعقم

{ وهو الذي ينزّل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته } لجميع خلقه { وهو الولي }، قيل: الذي يتولى تدبير عباده، وقيل: الولي المالك للعباد { الحميد } المحمود { ومن آياته خلق السماوات والأرض } أحدثهما كما يشاء { وما بثّ فيهما من دابة } وهو ما يدب من الحيوانات { وهو على جمعهم } يوم الحشر { إذا يشاء قدير } { وما أصابتكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم } من الأجرام، واختلفوا في المصائب، قيل: القحط والمرض وما أشبهه، وقيل: ما يصيب الكفار من الحدث من المسلمين، وقيل: العقوبات، وقيل: هو عام في كل المصائب، وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): "ما من اختلاج عرق ولا خدش عود ونكتة حجر إلا بذنب وما يعفو الله أكثر" وعن عكرمة: ما من نكتة أصابت عبداً إلاَّ بذنب لم يكن الله ليغفر له إلا بها، ودرجة لم يكن ليبلغها إلا بها، وقيل: المصائب يجوز أن تكون عقوبة للدنيا كالحدود ولذلك امتحن الأنبياء بالمصائب ولم تكن عقوبة { ويعفو عن كثير } أي ولا يؤاخذهم بكثير من أفعالهم بل يعفو عنها، وقيل: لولا العفو لهلك العالم لأن الذنب موجبه ولكن الله يعفوا أما بالتوبة أو بالطاعات، وعن علي (عليه السلام): "من عفى في الدنيا عفى الله عنه في الآخرة"، وعنه: "هذه أرجى آية في القرآن" { وما أنتم بمعجزين في الأرض } بفائتين ما قضى عليكم من المصائب { وما لكم من دون الله من ولي } يلي أمركم { ولا نصير } ينجيكم من عذابه { ومن آياته الجوار في البحر } يعني السفن { كالأعلام }، قيل: كالجبال تجريها الرياح { إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد } يعني السفن { على ظهره }، قيل: على ظهر الماء { إن في ذلك } في ذكره خزائن والسفينة { لآيات لكل صبّار شكور } كبير الصبر والشكر { أو يوبقهن بما كسبوا } يهلكهن، يعني السفن بالغرق إما بحبس الريح فلا تجري السفن أو يهلكها بالغرق بما عملوا من المعاصي فيهلكهم عقوبة لهم { ويعف عن كثير } من معاصيهم فلا يهلكهم إمهالاً ورحمة { ويعلم الذين يجادلون } أي يعلم الذين يخاصمون بالباطل في رد آيات الله { ما لهم من محيص } أي ملجأ قيل: إذا سكن البحر وركدت السفن علم المجادل أنه لا محيص { فما أوتيتم } أعطيتم { من شيء } من نعم الدنيا تبتغون بها عاجلاً { فمتاع الحياة الدنيا } أي منافع الدنيا { وما عند الله خير وأبقى } من ملاذ الدنيا لأنها باقية وهذه فانية { خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون } يفوضون أمرهم إليه { والذين يجتنبون كبائر الاثم } هو الشرك { وإذا ما غضبوا هم يغفرون } أي هم الأحقاء بالغفران في حال الغضب، أي يتجاوزون، وقد تقدم الكلام في الكبائر، ومتى قيل: لم أضاف الكبائر إلى الإِثم؟ قالوا: لوجهين: أحدهما أن الإِثم صغيراً أو كبيراً عن أبي علي، وثانيهما ما يكون الإِثم كله كبائر فيكون بمنزلة اضافة الصفة إلى الموصوف { والفواحش } كل قبيح، وقيل: الزنا { والذين استجابوا لربهم } أي أجابوا فيما دعاهم إليه من الدين { وأقاموا الصلاة } في أوقاتها { وأمرهم شورى بينهم } أي لا يعلمون إلا المشاورة أهل الدين { ومما رزقناهم ينفقون } مما أعطيناهم في وجوه البر { والذين إذا أصابهم البغي } لا يستسلمون بل يتناصرون ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وقيل: يتناصرون ممن يبغي عليهم من غير أن يعتدوا، ومتى قيل: أليس وصفوا في الآية الأولى بأنهم يغفرون؟ قالوا: ذلك في حقوق لا قصاص، وقيل: ذلك في حقوق نفسه كالأموال والحقوق وهذا في حقوق الله يفعله على سبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقيل: إذا غضب لدينه انتصر وإذا غضب لدنياه أو في حق نفسه غفر.