التفاسير

< >
عرض

وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ ٱلتَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ ٱللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ وَمَآ أُوْلَـٰئِكَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ
٤٣
إِنَّآ أَنزَلْنَا ٱلتَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا ٱلنَّبِيُّونَ ٱلَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلرَّبَّانِيُّونَ وَٱلأَحْبَارُ بِمَا ٱسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ ٱللَّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَآءَ فَلاَ تَخْشَوُاْ ٱلنَّاسَ وَٱخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَافِرُونَ
٤٤
وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَآ أَنَّ ٱلنَّفْسَ بِٱلنَّفْسِ وَٱلْعَيْنَ بِٱلْعَيْنِ وَٱلأَنْفَ بِٱلأَنْفِ وَٱلأُذُنَ بِٱلأُذُنِ وَٱلسِّنَّ بِٱلسِّنِّ وَٱلْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ
٤٥
-المائدة

تفسير الأعقم

قوله تعالى: { وكيف يحكمونك } تعجب من تحكيمهم لمن لا يؤمنون به ولا بكتابه مع أن الحكم منصوص في كتبهم { ثم يتولون من بعد ذلك } يعني ثم يعرضون من بعد حكمك الموافق لما في كتبهم لا يرضون به { وما أولئك بالمؤمنين } بكتابهم كما يزعمون أو { وما أولئك } بالكاملين في الايمان على سبيل التهكم بهم، قوله تعالى: { الذين أسلموا } صفة للنبيين على سبيل المدح، قوله تعالى: { للذين هادوا والربَّانِيون والأحبار } الرهبان والعلماء من ولد هارون الذين التزموا طريقة النبيين وجانبوا دين اليهود، وقيل: الربانيون العلماء، والأحبار القراء، وقيل: الربانيون الولاة والأحبار العلماء، وقيل: الربانيون علماء اليهود والأحبار علماء النصارى، قوله تعالى: { بما استحفظوا من كتاب الله } أي حفظوه من التبديل والتغيير { وكانوا عليه شهداء } أي رقباء لئلا يبدل والمعنى يحكم بأحكام التوراة النبييون بين موسى وعيسى وكان بينهما ألف نبي { للذين هادوا } يحملونهم على أحكام التوراة ولا يتركونهم أن يعدلوا عنها كما فعل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) من حملهم على حكم الرجم وإرغام أنوفهم بما استحفظهم أنبياءهم من كتاب الله والقضاء به وبسب كونهم شهداء، وكذلك حكم الزانيين والأحبار المسلمين { فلا تخشوا الناس } نهي للحكام { ولا تشتروا بآياتي ثمناً قليلاً } وهي الرشوة وابتغاء الجاه ورضى الناس كما عرف اليهود كتاب الله وغيَّروا أحكامه طمعاً في الدنيا وطلباً للرئاسة، قوله تعالى: { ومن لم يحكم بما أنزل الله } مستهيناً به { فأولئك هم الكافرون } وفي الثانية: { الظالمون } وفي الثالثة: { الفاسقون } قيل: كلها بمعنى الكفر وعبَّر عنها بألفاظ مختلفة اجتناب صورة التكرار، وقيل: الكافرون نزلت في حكام المسلمين، والظالمون في اليهود، والفاسقون في النصارى، وقيل: أراد بالظالمين والكافرين والفاسقين اليهود، وقيل: هم حكام أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وعن ابن مسعود هو عام في اليهود وغيرهم { وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس } الآية، يعني النفس مأخوذة بالنفس مقتولة بها إذا قتلها بغير حق وكذا العين مفقوءة بالعين، والأنف مجدوعة بالأنف، والأذن مصلومة بالأذن، والسن مقلوعة بالسن { والجروح قصاص } يعني ذوات قصاص، ومعناه ما يكون فيه القصاص ويعلم المساواة { فمن تصدق } من أصحاب الحق { به } أي بالقصاص وعفى عنه { فهو كفارة له } يكفر الله به من سيئاته، قيل: يهدم عنه من ذنوبه بقدر ما تصدق به.