التفاسير

< >
عرض

قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً وَٱللَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ
٧٦
قُلْ يَـٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ ٱلْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُوۤاْ أَهْوَآءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَن سَوَآءِ ٱلسَّبِيلِ
٧٧
لُعِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ ذٰلِكَ بِمَا عَصَوْا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ
٧٨
كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ
٧٩
تَرَىٰ كَثِيراً مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي ٱلْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ
٨٠
وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله والنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَآءَ وَلَـٰكِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ
٨١
-المائدة

تفسير الأعقم

{ قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضراً ولا نفعاً } وهو عيسى لا يضرك بمثل ما يضركم الله من المصائب والبلايا في الأنفس والأموال، ولا ينفعكم بمثل ما ينفعكم به من صحة الأبدان والخصب والسعة، ولأن كلما يستطيعه البشر من المنافع والمضار فبأقدار الله تعالى وتمكينه، فكأنه لا يملك منه شيئاً، قال جار الله: وهذا دليل قاطع على أن أمره منافٍ للربوبية حيث جعله لا يستطيع ضراً ولا نفعاً وصفة الرب أن يكون قادراً على كل شيء { والله هو السميع العليم } يعني أتشركون بالله ولا تخشونه وهو الذي يسمع ما تقولون ويعلم ما تعتقدون ويعلم ما تعبدون { قل يا أهل الكتاب } يعني النصارى { لا تغلوا في دينكم غير الحق } يعني لا تجاوزوا الحق إلى غيره غلواً باطلاً { ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل } هم أئمتهم في النصرانية كانوا على الضلال قبل مبعث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) { وأضلوا كثيراً } ممن شايعهم على التثليث { وضلوا } لما بعث محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) { عن سواء السبيل } حتى حسدوه وكذبوه، قوله تعالى: { لعن الذين كفروا من بني إسرائيل } يعني نزل لعنهم في الزبور { على لسان داوود } وفي الانجيل على لسان عيسى (عليه السلام)، وقيل: إن أهل أيلة لما اعتدوا في السبت قال داوود: اللهم العنهم واجعلهم آية، فمسخوا قردة، ولما كفروا أصحاب عيسى (عليه السلام) بعد المائدة قال عيسى (عليه السلام): اللهم عذب من كفر بعدما أكل من المائدة عذاباً لم تعذبه أحدا من العالمين، والعنهم كما لعنت أصحاب السبت فأصبحوا خنازير، وكانوا خمسة آلاف رجل ما فيهم امرأة ولا صبي { ذلك بما عصوا } قال جار الله: لم يكن ذلك اللعن الشنيع الذي كان بسبب المسيح إلا لأجل المعصية والاعتداء لا لأجل سبب آخر غير المعصية والاعتداء بقوله: { كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه } يعني لا ينهي بعضهم بعضاً، ثم قال: { لبئس ما كانوا يفعلون } للتعجب من فعلهم مؤكداً لذلك بالقسم، فيا حسرتا على المسلمين في اعراضهم عن التناهي عن المناكير، قال جار الله: وما فيه من المبالغات في هذا الباب، قوله تعالى: { ترى كثيراً منهم يتولَّون الذين كفروا } الآية نزلت في اليهود الذين كانوا يوالون المشركين، وقيل: في المنافقين الذين كانوا يوالون اليهود، قال جار الله: هم منافقو أهل الكتاب كانوا يوالون المشركين ويصافونهم { أن سخط الله عليهم } والمعنى يوجب سخط الله { ولو كانوا يؤمنون بالله } إيماناً خالصاً من غير نفاق ما اتخذوا المشركين { أولياء } يعني أن موالاة المشركين كفى بها دليلاً على نفاقهم وأن إيمانهم ليس بإيمان بالله تعالى والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) { وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء } يعني اليهود، وقيل: معناه أنهم لو كانوا يؤمنون بالله تعالى وموسى كما يزعمون ما اتخذوا المشركين أولياء، وقيل: هذه موالاة التناصر والمعاونة على معاداة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) { ولكنَّ كثيراً منهم فاسقون } متمردون في كفرهم ونفاقهم.