التفاسير

< >
عرض

وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ
١١٥
وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي ٱلأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ
١١٦
إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ
١١٧
فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ
١١٨
وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا ٱضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيراً لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُعْتَدِينَ
١١٩
وَذَرُواْ ظَٰهِرَ ٱلإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْسِبُونَ ٱلإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُواْ يَقْتَرِفُونَ
١٢٠
وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىۤ أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَٰدِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ
١٢١
-الأنعام

تفسير الأعقم

قوله تعالى: { وتمت كلمتُ ربك }، قيل: هو القرآن { صدقاً وعدلاً لا مبدل لكلماته } يعني لا مغير لها { وهو السميع العليم } { وان تطع أكثر من في الأرض يضلوك } قيل: الخطاب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقيل: المراد هو وغيره { يضلوك عن سبيل الله } يعني عن دين الله تعالى { وان هم إلاّ يخرصون } أي يكذبون، قوله تعالى: { فكلوا مما ذكر اسم الله عليه } الآية نزلت قيل: إنه لما نزل تحريم الميتة كتب مجوس فارس إلى مشركي العرب أن محمد يزعم أنه متبع لأمر الله تعالى، وما ذبح الله لا يأكلونه وما ذبحوه يأكلونه، فكتب المشركون بذلك إلى أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فنزلت الآية، وقيل لهم: أحلوا ما أحلَّ الله وحرِّموا ما حرم الله، وقوله: { فكلوا مما ذكر اسم الله عليه } الخطاب للمؤمنين، وقيل: هو عام مما ذكر اسم الله عليه يعني عن ذبحه ذكر اسم الله دون الميتة وما ذبح وسمي عليه الأصنام واسم الله قيل: هو بسم الله، وقيل: هو كل قول ذكر الله فيه تعظيم كقول الله أو بذكر الرحمن كقوله تعالى: { { ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها } [الأعراف: 180]، وقوله: { إن كنتم بآياته مؤمنين } فكلوا مما أحل دون ما حرم { وما لكم } أي ما الذي يمنعكم { ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه } عند الذبح { وقد فصل لكم ما حرم عليكم } أي بيَّن، قيل: هو ما ذكره تعالى في سورة المائدة في قوله تعالى: { { حرمت عليكم الميتة } [المائدة: 3] إلى آخرها { إلا ما اضطررتم اليه } من الجوع وخاف على نفسه حل أكله { وان كثيراً ليضلون بأهوائهم } يضلون أنفسهم وغيرهم باتباع أهوائهم بالتحليل والتحريم دون اتباع الأدلة والشريعة { بغير علم } يعني أنهم لم يعتقدوا ذلك عن يقين وعلم { إن ربك هو أعلم بالمعتدين } من المجاوزين الحد في أمر الله تعالى ونهيه في الحلال والحرام { وذورا ظاهر الاثم وباطنه }، قيل: قليله وكثيره، وقيل: ما ظهر تحريمه وما فيه شبهه، وقيل: افعال الجوارح وأفعال القلوب، وقيل: الظاهر ما يعمله الناس، والباطن ما لا يعلمه إلا الله تعالى، وقيل: الذنوب كلها لأنها لا تخلو من هذين الوجهين، وقيل: عن قتادة سره وعلانيته وقليله وكثيره { إن الذين يكسبون الاثم سيجزون } في الآخرة { بما كانوا يقترفون } أي يكتسبون في الدنيا { ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وانه لفسق } نزلت في المشركين الذين قالوا للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أخبرنا عن الشاة إذا ماتت من قتلها، قال الله تعالى قالوا: ما قتل الله فلا تأكلوه وما قتلتم أنتم بأيديكم أكلتموه فأنزل الله تعالى هذه الآية، وقيل: ان قوماً من مجوس فارس كتبوا إلى مشركي قريش وكانوا أولياءهم في الجاهلية أن محمداً وأصحابه يزعمون أنهم يتبعون أمر الله، ثم يزعمون أن ما ذبحوه حلال، وما قتله الله حرام، فوقع في أنفس الناس من ذلك فأنزل الله تعالى هذه الآية { ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه }، قيل: هو الميتة، وقيل: ما ذبح على النصب وأنه يعني الأكل لفسق، قوله تعالى: { وان الشياطين ليوحون إلى أوليائهم } أن يلقون إليهم الشبهة، قيل: أهل فارس يلقون إلى مشركي قريش، وقيل: شياطين الجن يوسوسون إلى أوليائهم من الإِنس الكفار { وإن أطعمتموهم } في أكل الميتة { إنكم لمشركون }.