التفاسير

< >
عرض

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَآ أَنَزلَ ٱللَّهُ وَلَوْ تَرَىۤ إِذِ ٱلظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ ٱلْمَوْتِ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ بَاسِطُوۤاْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوۤاْ أَنْفُسَكُمُ ٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ ٱلْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ غَيْرَ ٱلْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ
٩٣
وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَٰدَىٰ كَمَا خَلَقْنَٰكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَّا خَوَّلْنَٰكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَآءُ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ
٩٤
إِنَّ ٱللَّهَ فَالِقُ ٱلْحَبِّ وَٱلنَّوَىٰ يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ ٱلْمَيِّتِ مِنَ ٱلْحَيِّ ذٰلِكُمُ ٱللَّهُ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ
٩٥
فَالِقُ ٱلإِصْبَاحِ وَجَعَلَ ٱلْلَّيْلَ سَكَناً وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ حُسْبَاناً ذٰلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ
٩٦
-الأنعام

تفسير الأعقم

قوله تعالى: { ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو قال أوحى إلي ولم يوح إليه شيء } يعني يزعم ان الله تعالى بعثه نبياً وهو مسيلمة الكذاب أو كذَّاب صنعاء الأسود العنسي، وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): "رأيت فيما يرى النائم كان في يدي سوارين من ذهب فكبرا عليَّ فأوحى الله إليَّ أن أنفخهما فنفختهما فطارا عني فأوَّلت ذلك كذاب اليمامة مسيلمة وكذاب صنعاء الأسود العنسي" { ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله }، "الآية نزلت في عبد الله بن أبي سرح القرشي، وكان يكتب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكان إذا أملى عليه سميعاً عليماً كتب عليماً حكيماً، وإذا قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عليماً حكيماً كتب غفوراً رحيماً، فلما نزل قوله تعالى: { ولقد خلقنا الإِنسان من سلالة من طين } إلى آخر الآية عجب عبد الله من تفصيل خلق الانسان فقال: تبارك الله أحسن الخالقين، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "اكتبها فهكذا نزلت" فشك عبد الله فقال: لئن كان صادقاً لقد أوحي إلي كما أوحي إليه، وإن كان قاله لقد قلت كما قال، وارتد عن الاسلام، وروي أنه أسلم قبل الفتح، وقيل: مات منافقاً { ولو ترى } يا محمد، أو أيها السامع { إذ الظالمون في غمرات الموت } أي شدائد الموت عند النزاع، وقيل: في أشد العذاب { والملائكة باسطوا أيديهم } قيل: بالعذاب، وقيل: بالضرب يضربون وجوههم وأدبارهم، يقال بسط اليه يده بالمكروه، وقيل: عند قبض الأرواح، قوله: { اخرجوا أنفسكم }، قيل: من عذاب النار على جهة التوبيخ، وقيل: المراد يخرجون أرواحهم على كره منهم لأن نفس المؤمن تنشط للخروج، والجواب محذوف، يعني فلو تراهم في هذه الأحوال لرأيت أمراً شنيعاً، قوله تعالى: { وكنتم عن آياته تستكبرون } يعني عن محمد وعن القرآن { ولقد جئتمونا فرادى } يعني تقول الملائكة لهم ذلك فرادى لا مال معكم ولا ولد ولا خدام أو كل واحد على حدته { كما خلقناكم أول مرة } على الهيئة التي ولدتم عليها من الانفراد حفاة عراة غرلاً { وتركتم ما خوَّلْنَاكم } يعني ما أعطيناكم من الخدم والنعم والعبيد ومن الأموال { وراء ظهوركم } في الدنيا، "وروي عن عائشة في قوله تعالى: { ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة }، فقالت: يا رسول الله واسوأتاه النساء والرجال يحشرون جميعاً ينظر بعضهم إلى بعض؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): { لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه } لا ينظر الرجال إلى النساء ولا النساء إلى الرجال شغل بعضهم عن بعض" قوله تعالى: { وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء } وهي الأصنام { لقد تقطَّع بينكم } أي انقطع ما بينكم من الموادات والمواصلات { وضلّ عنكم ما كنتم تزعمون } { ان الله فالق الحب والنوى } بالنبات، وقيل: المراد الشق الذي في النواة والحنطة { يخرج الحيَّ من الميت ومخرج الميت من الحيّ }، قيل: الانسان من النطفة والنطفة من الانسان، وقيل: الطائر من البيض والبيض من الطائر، وقيل: الكافر من المؤمن والمؤمن من الكافر { ذلكم الله فأنى تؤفكون } أي كيف تصرفون عن الحق، وقيل: تكذبون في جعل الأوثان الهة والمراد أنى تصرفون عن عبادته وتعدلون عنه، قوله تعالى: { فالق الإصباح } أي شاق عمود الصبح من ظلمة الليل وسواده، وقيل: خالق الاصباح { وجاعل الليل سكناً } أي جعل الليل لسكون الخلق فيسكن فيه كل متحرك { والشمس والقمر حسباناً } أي جعلهما يجريان بحسبان فتقطع الشمس جميع البروج في ثلاثمائة وخمسة وستين يوماً، والقمر في ثمانية وعشرين يوماً فبنى عليهما الليالي والأيام والشهور والأعوام { ذلك تقدير العزيز العليم }.