التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَىٰ بِآيَٰتِنَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلإِيْهِ فَظَلَمُواْ بِهَا فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ
١٠٣
وَقَالَ مُوسَىٰ يٰفِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ
١٠٤
حَقِيقٌ عَلَىٰ أَنْ لاَّ أَقُولَ عَلَى ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ
١٠٥
قَالَ إِن كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ
١٠٦
فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ
١٠٧
وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَآءُ لِلنَّاظِرِينَ
١٠٨
قَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَـٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ
١٠٩
يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ
١١٠
قَالُوۤاْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي ٱلْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ
١١١
يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ
١١٢
وَجَآءَ ٱلسَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالْوۤاْ إِنَّ لَنَا لأَجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ ٱلْغَالِبِينَ
١١٣
قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ
١١٤
-الأعراف

تفسير الأعقم

{ ثم بعثنا من بعدهم موسى } من بعد الأنبياء تسلية للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقيل: بعد الأمم التي تقدم ذكرها بيَّن تعالى قصة موسى وما جرى له من فرعون، فأما قصة العصا فقيل: كان أعطاه ملك حين توجه إلى مدين، وقيل: كان عصى آدم من آس الجنة تدور في أولاده حتى انتهت إلى شعيب، ثم إلى موسى (عليه السلام)، فخرج موسى بأمر الله تعالى متوجهاً إلى مصر وقال ما حكاه الله تعالى عند قوله تعالى: { وقال موسى يا فرعون إني رسول من رب العالمين } روي أنه لما قال موسى ذلك، قال: كذبت، فقال: { حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق }، قوله تعالى: { فأرسل معي بني اسرائيل } فخلهم حتى يذهبوا معي راجعين إلى الأرض المقدسة التي هي وطنهم وموالد آبائهم، وذلك أن يوسف (عليه السلام) لما توفى وانقرضت الأسباط غلب فرعون نسلهم واستبعدهم فأنقذهم الله تعالى بموسى (عليه السلام) وكان بين اليوم الذي دخل فيه يوسف وبين اليوم الذي دخل فيه موسى (عليه السلام) أربع مائة عام، وروي في الثعلبي أيضاً أن فرعون موسى كان فرعون يوسف فقال فرعون مجيباً لموسى (عليه السلام): إن كنت نبياً فأت بآية { إن كنت من الصادقين }، قوله تعالى: { فألقى } الآية، وروي أنه كان ثعباناً ذكراً أشعراً فاغراً فاه بين لحيته ثمانون ذراعاً، فوضع لحيه الأسفل في الأرض ولحيه الأعلى على سور القصر، ثم توجه نحو فرعون ليأخذه، فوثب فرعون من سريره وهرب وأحدث ولم يكن أحدث قبل ذلك وهرب الناس وصاحوا، وحمل عليهم فانهزموا ومات منهم خمسمائة وعشرون ألفاً قتل بعضهم بعضاً، ودخل فرعون البيت وصاح: يا موسى خذه وأنا أؤمن بك وأرسل معك بني إسرائيل فأخذه موسى فعاد عصا، وروي أنه أرى فرعون يده فقال: ما هذه؟ قال: يدي، ثم أدخلها في جيبه وعليه مدرعة من صوف ونزعها { فإذا هي بيضاء للناظرين }، قيل: كان منها شعاع الشمس فعند ذلك { قال الملأ من قوم فرعون إنّ هذا لساحر عليم } أي عالم بالسحر { يريد أن يخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون } هذا من قوم فرعون للملأ فأجابوه { قالوا أرجه وأخاه } يعني أخرهما وأصدرهما عنك، وقيل: احبسهما { وأرسل في المدائن حاشرين } وكان له مدائن فيها السحرة إذا أحزنه أمر أرسل اليهم قوله تعالى: { يأتوك بكل ساحر عليم } مثله في العلم فعند ذلك الأمر استدعى بالسحرة فقال تعالى: { وجاء السحرة فِرعون قالوا إن لنا لأجراً إن كنا نحن الغالبين قال نعم وانكم لمن المقربين } وروي أنه قال لهم تكونوا أول من يدخل علي وآخر من يخرج وهو التقريب والتعظيم، وروي أنه دعا برؤساء السحرة ومعلمهم فقال لهم: ما صنعتم؟ فقالوا: قد فعلنا سحراً لا يطيقه سحرة الأرض إلا أن يكون أمراً من السماء فلا طاقة لنا به، وروي أنه كانوا ثمانين ألفاً، وقيل: سبعين ألفاً، وقيل: بضعة وثلاثين ألفاً.