التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
٤٢
وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَٰرُ وَقَالُواْ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي هَدَانَا لِهَـٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلاۤ أَنْ هَدَانَا ٱللَّهُ لَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلْحَقِّ وَنُودُوۤاْ أَن تِلْكُمُ ٱلْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
٤٣
وَنَادَىۤ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ أَصْحَابَ ٱلنَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً قَالُواْ نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّالِمِينَ
٤٤
ٱلَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ كَافِرُونَ
٤٥
وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى ٱلأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْاْ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ أَن سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ
٤٦
وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَآءَ أَصْحَابِ ٱلنَّارِ قَالُواْ رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ
٤٧
وَنَادَىٰ أَصْحَابُ ٱلأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُواْ مَآ أَغْنَىٰ عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ
٤٨
أَهَـۤؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لاَ يَنَالُهُمُ ٱللَّهُ بِرَحْمَةٍ ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ
٤٩
-الأعراف

تفسير الأعقم

قوله تعالى: { لا نكلف نفساً إلا وسعها } طاقتها وسعتها { ونزعنا } أي أذهبنا { ما في صدروهم من غل } غش وحقد وعداوة، وقيل: هو الحسد { تجري من تحتهم الأنهار } أي من تحت أبنيتهم { وقالوا الحمد لله الذي هدانا } أي وفقنا وأرشدنا { لهذا } يعني لطريق الجنة { لولا أن هدانا الله } أي وفقنا { ونودوا أن تلكم الجنة } يناديهم مناد من جهة الله تعالى أن تلكم أي هذه { أورثتموها } أعطيتموها، وقيل: صارت لكم إرثاً كما يصير المال الميراث لأهله، وقيل: ورثتم منازل الكفار التي حرموها لكفرهم، وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم): "لكل مكلف موضع في الجنة فإذا كفر أعطي منزله المؤمن" { بما كنتم تعملون } فيقسم بين أهل الجنة منازلهم { قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً } من الثواب { فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً } من العقاب { قالوا نعم } وهو سؤال توبيخ وشماتة وتقرير وإلاَّ فالجميع عالمون بذلك { فأذن مؤذن بينهم } أي نادى منادٍ من جهة الله تعالى أسمع الفريقين، قوله تعالى: { أن لعنة الله على الظالمين } يعني وجبت لعنة الله يعني عذابه { الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجاً } يعني يصدون عن دين الله ويطلبونها زيغاً وميلاً { وبينهما حجاب } أي بين الفريقين، قيل: بين أهل الجنة وأهل النار وهو السور المذكور، قوله تعالى: { فضرب بينهم بسور } { وعلى الأعراف رجال } وعلى ذلك الحجاب رجال وهو السور المضروب بين الجنة والنار وهي أعاليه، استعير من عرف الفرس أو عرف الديك فسمي أعرافاً لارتفاعه، وقيل: لأن أهله يعرفون الناس { رجال يعرفون } أهل الجنة وأهل النار، قيل: هم ملائكة يرون في صور الرجال يعرفون أهل الجنة وأهل النار، وروي عن ابن عباس أن الأعراف موضع عالٍ على الصراط عليه العباس وجعفر وحمزة وعلي (رضي الله عنهم) يعرفون محبّيهم ببياض الوجوه ومبغضيهم بسوادها، وقيل: هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم { يعرفون كلاًّ بسيماهم } أي يعرفون كل أحد بعلامته قيل: سيماء أهل الجنة ببياض الوجوه وحسن العيون وسيماء أهل النار بسواد الوجوه وزرقة العيون { لم يدخلوها وهم يطمعون } يعني أهل الأعراف، وقيل: أهل الجنة قبل أن يدخلوها وهذا طمع يقين، قوله تعالى: { أهؤلاء الذين أقسمتم } أهؤلاء استفهام والمراد التوبيخ واختلفوا في القائل: أهؤلاء الذين أقسمتم؟ فقيل: هم أصحاب الأعراف يقولون: أهؤلاء يعني أهل الجنة الذين أقسمتم حلفتم يا أهل النار انهم { لا ينالهم الله برحمة }، وروي: أنهم ينادون على السور علي (عليه السلام) وأصحابه يا وليد يا أبا جهل يا فلان يا فلان ثم ينظرون إلى أهل الجنة فيرون الفقراء الذين كانوا يشتمون فقالوا: أهؤلاء الذين أقسمتم في الدنيا، وقيل: هو كلام أهل الجنة، وقيل: كلام الملائكة ثم يقال لأصحاب الجنة: { ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون }.