التفاسير

< >
عرض

هُنَالِكَ تَبْلُواْ كُلُّ نَفْسٍ مَّآ أَسْلَفَتْ وَرُدُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ مَوْلاَهُمُ ٱلْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ
٣٠
قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ ٱلسَّمْعَ وٱلأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ ٱلْمَيِّتَ مِنَ ٱلْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ ٱللَّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ
٣١
فَذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمُ ٱلْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ ٱلْحَقِّ إِلاَّ ٱلضَّلاَلُ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ
٣٢
-يونس

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { هُنَالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ }. ذكروا أن مجاهداً قال: هنالك تختَبِر كل نفس ما أسلفت، أي تختَبِر ثواب ما أسلفت في الدنيا.
وقال بعضهم عن مجاهد: تخبُر. وهي تقرأ على وجه آخر: { هُنَالِكَ تَتْلُوا } أي تتبع كل نفس ما أسلفت.
ذكروا عن ابن مسعود أنه قال: تحشر الأمم بأوثانها وما كانت تعبد من دون الله.
قوله: { وَرُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاَهُمُ الحَقِّ } والحق اسم من أسماء الله. وهو كقوله { يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ المُبِينُ }. وكقوله:
{ ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ البَاطِلُ } [لقمان:30].
قوله: { وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ } عن عبادتهم الأوثان.
ثم قال للنبي عليه السلام: { قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ } وهو على الاستفهام { أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ } أي: أن يذهبهما أو يبقيهما. { وَمَن يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَيُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ } يعني النطفة والحبة. أي: يخرج من النطفة الميتة الخلق الحي، ويخرج من الخلق الحي النطفة الميتة، ويخرج من الحبة اليابسة النبات الحي، ويخرج من النبات الحي الحبة اليابسة. وهذا تفسير مجاهد.
وقال الحسن: يخرج المؤمن من الكافر، ويخرج الكافر من المؤمن.
{ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ } أي فيما يحيي ويميت، ويقبض ويبسط، وينزل الغيث، ويدبّر الأمر في السماوات والأرض. { فَسَيَقُولُونَ اللهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } أي: الله. وأنتم تقرون بالله عزّ وجلّ أنه هو الذي يفعل هذه الأشياء ثم لا تتقونه، وتعبدون هذه الأوثان من دون الله.
{ فَذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمُ الحَقُّ } أي الذي تقرون أنه خلقكم؛ والأوثان هي الباطل، أي: الأموات، لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون.
{ فَمَاذَا بَعْدَ الحَقِّ } والحق هو الله. يقول: فماذا بعد الحق { إِلاَّ الضَّلاَلُ } أي: إلا هذه الأوثان. وقال بعضهم: الباطل: إبليس. قوله في سبأ:{ قُلْ جَاءَ الحَقُّ وَمَا يُبْدِىءُ البَاطِلُ } يعني إبليس، يقول: وما يبدىء إبليس خلقاً
{ وَمَا يُعِيدُ } [سبأ:49] أي: وما يعيده كما لم يبدئه، فكذلك لا يعيده، والله هو المبدىء وهو المعيد.
قوله: { فَأَنَّى تُصْرَفُونَ } أي: فكيف تصرف عقولكم فتعبدون غيره، وأنتم مقِرّون أنه خالق هذه الأشياء.