التفاسير

< >
عرض

وَمِنهُمْ مَّن يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَّن لاَّ يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِٱلْمُفْسِدِينَ
٤٠
وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيۤئُونَ مِمَّآ أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِيۤءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ
٤١
وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنتَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يَعْقِلُونَ
٤٢
وَمِنهُمْ مَّن يَنظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي ٱلْعُمْيَ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يُبْصِرُونَ
٤٣
إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ ٱلنَّاسَ شَيْئاً وَلَـٰكِنَّ ٱلنَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
٤٤
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُوۤاْ إِلاَّ سَاعَةً مِّنَ ٱلنَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱللَّهِ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ
٤٥
-يونس

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { وَمِنْهُم مَّن يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُم مَّن لاَّ يُؤْمِنُ بِهِ } أي: ومن المشركين من يؤمن بالقرآن، ومنهم من لا يؤمن به { وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالمُفْسِدِينَ } أي: المشركين.
قوله: { وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ } أي: ليس عليكم من عملي شيء، وليس عليّ من عملكم شيء. { أَنتُم بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُوْنَ }.
قوله: { وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ } وإنما صارت يستمعون لأنهم جماعة. { أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ } أي: عن الهدى { وَلَوْ كَانُوا لاَ يَعْقِلُونَ } أي: لا تسمعهم أنت، وهذا سمع قبول. كقوله:
{ إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ } [القصص:56].
قوله: { وَمِنْهُم مَّن يَنظُرُ إِلَيْكَ } وهذا على الواحد، لا على الجماعة. [أي: ومنهم من يقبل عليك بالنظر ] { أَفَأَنتَ تَهْدِي العُمْىَ } [يعني عمى القلب] { وَلَوْ كَانُوا لاَ يُبْصِرُونَ } هي مثل الأولى. واستماعهم ونظرهم كقوله:
{ وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ } [الأعراف:198] أي: الهدى. وكقوله: { وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً } [البقرة:171] أي: مثل الغنم إذا صاح بها الراعي فسمعت فرفعت رءوسها، ثم وضعت رؤوسها لا تدري لم صاح بها. فكذلك هم لا يسمعون بقلوبهم إلا ما سمعت آذانهم: أي: لا يقبلونه.
قوله: { إِنَّ اللهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }. أي: يضرّون. وقال الحسن: ينقصون، أي: بمعصيتهم.
قوله: { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأن لَّمْ يَلْبَثُوا } أي: في الدنيا { إِلاَّ سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ } أي: في طول ما هم لابثون في النار.
قوله: { يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ } ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"ثلاثة مواطن لا يعرف فيهن أحد أحداً: عند الميزان، حتى يعلم أيخف ميزانه أم يثقل، وعند تطاير الكتب، حتى يعلم أبيمينه يأخذ كتابه أم بشماله، وعند الصراط، حتى يعلم أيجوز الصراط أم لا يجوز" . وقال في آية أخرى: { وَلاَ يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً } [المعارج:10]. وهي مواطن؛ فمنها ما يتعارفون فيها، ومنها ما لا يتعارفون فيها. وهذا قول الحسن.
قوله: { قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللهِ } أي: الذين كذبوا بالبعث، خسروا أنفسهم أن يغنموها فصاروا في النار. { وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ } أي: لو كانوا مهتدين ما خسروا أنفسهم.