التفاسير

< >
عرض

فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ فَاسْأَلِ ٱلَّذِينَ يَقْرَءُونَ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَآءَكَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ
٩٤
وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ
٩٥
إِنَّ ٱلَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ
٩٦
وَلَوْ جَآءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ
٩٧
فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَآ إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّآ آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ ٱلخِزْيِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ
٩٨
-يونس

تفسير كتاب الله العزيز

قال الحسن: { فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ } يقول: لو سألت الذين يقرأون الكتاب من قبلك لأخبروك، وليس يقول: سَلْهم لتعلم ذلك منهم.
قال: { لَقَدْ جَاءَكَ الحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ } أي: من الشاكّين.
{ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذِّبُوا بِآيَاتِ اللهِ فَتَكُونَ مِنَ الخَاسِرِينَ }.
قوله: { إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ } وهم الذين يلقون الله عزّ وجلّ بكفرهم. { وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ ءَايَةٍ حَتَّى يَرَوُا العَذَابَ الأَلِيمَ } أي: الموجع. أي: إن الآية إذا جاءتهم فلم يؤمنوا جاءهم العذاب، فإذا رأوا العذاب آمنوا فلا يُقبل منهم.
قوله: { فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ ءَامَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا } يقول: لو آمنت قبل نزول العذاب عليها لنفعها إيمانها. فلم يفعل ذلك أهل قرية فيما خلا { إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا ءَامَنُوا } أي: قبل أن ينزل عليهم العذاب { كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ } أي عذاب الهون { فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا } أي: عن الذين لو كانوا لم يؤمنوا قبل أن ينزل بهم العذاب نزل بهم الخزي. ولو كان نزل بهم ثم آمنوا لم يقبل منهم الإِيمان. قال الله:
{ فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الكَافِرُونَ } [غافر:85].
قال بعضهم: يقول: لم يكن هذا في الأمم قبلكم، لم يكن ينفع قرية كفرت ثم آمنت حين عاينت عذاب الله إلا قوم يونس.
وقال: ذكر لنا أن قوم يونس كانوا من أرض الموصل. فلما فقدوا نبيَّهم قذف الله في قلوبهم التوبة، فلبسوا المسوح، وفرقوا بين كل بهيمة وولدها، فَحَجُّوا إلى الله أربعين ليلة. فلما عرف الله الصدق من قلوبهم، والتوبة والندامة على ما مضى منهم، كشف عنهم العذاب بعدما نزل بهم.
وقال بعضهم: كان بينهم وبين العذاب أربعة أميال.
وذكروا أن مجاهداً قال: { فَنَفَعَهَا } أي: كما نفع قومَ يونس إيمانُهم، فلم يكن ذلك. قوله: { كَشَفْنَا عَنْهُمْ }، أي: صرفنا عنهم.
قوله: { وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ } يعني إلى الموت بغير عذاب.