{ أُوْلَئِكَ } يعني المشركين { الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الأَخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا
صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ } أي: من حسنات الآخرة لأنهم جوزوا بها في
الدنيا.
ذكروا عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الدنيا سجن المؤمن وجنة
الكافر"
ذكروا عن الحسن قال: قيل يا رسول الله: هذا المؤمن المعروف إيمانه شدد
عليه عند الموت، وهذا الكافر المعروف كفره يهوَّن عليه عند الموت. قال: "سأخبركم عن ذلك. إن المؤمن يكون قد عمل السيئة فشدد عليه عند الموت ليكون بها، وإن الكافر يكون قد عمل الحسنة فيهون عليه عند الموت ليكون بها"
قوله: { أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ } أي: على بيان ويقين. قال بعضهم:
يعني محمداً صلى الله عليه وسلم: { وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ }. قال الحسن: شاهد منه لسانه. يعني النبي
عليه السلام. وفي تفسير الكلبي: { شَاهِدٌ مِّنْهُ }: جبريل، أي: شاهد من الله.
قال: { وَمِن قَبْلِهِ } قال الكلبي: ومن قبل القرآن { كِتَابُ مُوسَى } أي: التوراة { إِمّاماً وَرَحْمَةً } يقول: تلا جبريل على موسى التوراة إماماً ورحمة.
وقال ابن عباس: { أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ } قال: هو المؤمن. { وَيَتْلُوهُ
شَاهِدٌ مِّنْهُ } أي: من أهل الكتاب. قال: { وَمِن قَبْلِهِ } أي من قبل القرآن { كِتَابُ
مُوسَى } أي التوراة { إِمَاماً } أي يأتم به من قبله وعمل به، { وَرَحْمَةً } له.
قوله: { أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ } يعني المؤمنين يؤمنون بالقرآن والتوراة والإِنجيل.
{ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ } أي: بالقرآن { مِنَ الأَحْزَابِ } أي: من اليهود والنصارى. قال
الله: { فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ } أي: في شك منه. يقول للنبي عليه
السلام: ومن يكفر به فالنار موعده { إِنَّهُ الحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ
يُؤْمِنُونَ }.
قال: { أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ } هل يستوى هو ومن كفر يكفر
بالقرآن والتوراة والإِنجيل؛ إنهما لا يستويان عند الله.