قوله: { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً } على الاستفهام، أي: لا أحد
أظلم منه. وافتراؤهم على الله أن قالوا إن الله أمرهم بما هم عليه من عبادة الأوثان،
وتكذيبهم بمحمد، يعني به مشركي العرب.
قوله: { أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ } [أي: الأنبياء]
{ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ }.
ذكروا عن صفوان بن محرز أنه قال: بينما أنا أحدث ابنَ عمر إذ عارضه رجل
فقال: يا أبا عبد الرحمن، كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسألة الربِّ عبدَه المؤمنَ
يوم القيامة. قال:سمعته يقول: "إن الله يسأل عبده المؤمن يوم القيامة، ويخبره بستره
من الناس، فيقرّره بذنوبه فيقول: عبدي، أتعرف ذنب كذا وكذا؟ فيقول: يا رب،
أعرف؛ حتى إذا قرّره بذنوبه، وظنّ في نفسه أنه قد هلك قال: فإني قد سترتها عليك
في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم؛ ثم يُعطى كتابَ حسناته. وأما الكافر والمنافق فإنه
ينادي الأشهاد: { هَؤُلاَءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ }"
والكذب على الله من وجهين: فكذب المشركين ادعاؤهم الأنداد والأولاد لله.
وكذب المنافقين في نصبهم الحرام ديناً، وادعاؤهم على الله ديناً غيرَ دينه،
واستخلالُهم ما حرّم الله.