التفاسير

< >
عرض

قَالُواْ وَأَقْبَلُواْ عَلَيْهِمْ مَّاذَا تَفْقِدُونَ
٧١
قَالُواْ نَفْقِدُ صُوَاعَ ٱلْمَلِكِ وَلِمَن جَآءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ
٧٢
قَالُواْ تَٱللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ
٧٣
قَالُواْ فَمَا جَزَآؤُهُ إِن كُنتُمْ كَاذِبِينَ
٧٤
قَالُواْ جَزَآؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلظَّالِمِينَ
٧٥
فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَآءِ أَخِيهِ ثُمَّ ٱسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَآءِ أَخِيهِ كَذٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ ٱلْمَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَآءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ
٧٦
-يوسف

تفسير كتاب الله العزيز

{ قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِم } أي: إخوة يوسف أقبلوا عليهم { مَّاذَا تَفْقِدُونَ قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ المَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ } أي: من الطعام، والطعام يومئذٍ عزيز. { وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ } أي: وأنا به كفيل لمن جاء به.
قال مجاهد: الزعيم هو المؤذن [الذي قال: { أَيَّتُهَا العِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ }].
{ قَالُوا تَاللهِ } وهو يومئذٍ قَسَم يُقسم به { لَقَدْ عَلِمْتُم مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأَرْضِ } لما كانوا يأتونهم قبل ذلك في المَيْر، وأنهم لم يروا منهم فساداً، { وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ }.
{ قَالُوا فَمَا جَزَآؤُهُ إِن كُنتُمْ كَاذِبِينَ قَالُوا جَزَآؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَآؤُهُ } أي يؤخذ به عبداً. وكانت تلك سنتَهم. { كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ } أي: السارقين.
وكذلك كان الحكم عندهم: أن يؤخذ بسرقته عبداً [يستخدم على قدر سرقته] وكان في قضاء أهل مصر أن يغرم السارق ضعفي ما أخذ، ثم يرسل. فقضوا على أنفسهم بقضاء أرضهم، وهو مما صنع الله ليوسف، فذلك قوله: { كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ } أي: صنعنا ليوسف { مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ المَلِكِ } أي: في قضاء الملك، ملك مصر؛ أي: لو كان القضاء إليه غرمه ضعفي ما أخذ، ثم خلّى سبيله.
قوله: { فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ } ففتشها { قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاءِ أَخِيهِ }. قال الله: { كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ }. قال الحسن: كاد الله ليوسف ليضمَّ إليه أخاه.
ذكر بعضهم قال: ذكر لنا أن يوسف عليه السلام كان لا ينظر في وعاء من أوعيتهم إلا استغفر الله تائباً مما قذفهم به.
قال الله: { مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ المَلِكِ } قال بعضهم: أي: ما كان ذلك في قضاء الملك. قال: { إِلاَّ أَن يَّشَاءَ اللهُ } أي: أن يستعبد رجلاً بسرقة.
قال مجاهد: وكان الملك مسلماً. وقال مجاهد: { إِلاَّ أَن يَّشَاءَ اللهُ }، أي: إلا بعلّة كادها الله له، فاعتلّ بها يوسف.
قوله: { نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ } قال: بالنبوة. { وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٍ } قال: إن الله علا علمه فوق كل علم.
قال الحسن: أجل والله، لفوق كلّ ذي علم عليم، حتى ينتهي العلم إلى الذي جاء منه، وهو الله. وكل شيء فعله يوسف من أمر أخيه، وما صنع من أمر الصُّواع، إنما هو شيء قَبِلَه عن الله.