التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ
٤٥
ٱدْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ
٤٦
وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَٰناً عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَـٰبِلِينَ
٤٧
-الحجر

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { إِنَّ المُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } والعيون هي الأنهار، وقوله: { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ } [القمر:54] يعني به جميع الأنهار.
قوله: { ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ ءَامِنِينَ } وذلك حين تتلقّاهم الملائكة تقول لهم:
{ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ } [الزمر: 73]. وقد فسّرناه قبل هذا الموضع. وقوله { آمِنِين } أي: آمنين من الموت، أي: خالدين فيها لا يموتون، وهو كقوله: { لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الأُولَى } [الدخان:56].
قوله: { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ } أي: من غلِّ الدنيا الذي كان يكون بينهم في الدنيا، والضغائن التي كانت بينهم.
وبلغنا أنهم إذا توجَّهوا إلى الجنة مروا بشجرة يخرج من أصلها عينان، فيشربون من إحداهما فتجري عليهم نضرة النعيم، فلا تشعث رؤوسهم، ويغتسلون في الأخرى فيخرج ما في بطونهم من أذى أو قذى أو غلّ أو غش. ثم يتوَجّهون إلى منازلهم، فتتلقاهم الملائكة فتقول لهم: سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ. فقال الله: { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِّنْ غِلٍّ }.
ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"يخلُص المؤمنون من النار فيحبسون عند قنطرة بين الجنة والنار، فَيُقتصُّ بعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا هذّبوا ونقّوا قيل لهم: ادخلوا الجنة؛ فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى إلى منزله في الجنة منه إلى منزله كان في الدنيا" . وذلك قوله: { وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ } [سورة محمد:6] أي: عرفوها حين دخلوها، كأنهم كانوا قبل ذلك فيها. قال بعضهم: ما شبهوا إلا بأهل جمعة انصرفوا من جمعتهم.
قوله: { إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ } قال بعضهم: ذلك في الزيارة إذا زار بعضهم بعضاً. وقال بعضهم: لا ينظر بعضهم إلى قفا بعض.